فتاوى وبحوث فقهية
  اشْتَرَطَهَا كَالإِمَامِيَّةِ، وَهَذِهِ فَوَائِدُ عَظِيمَةٌ.
  وَتَأَوَّلَهُ الإِمَامُ القَاسِمُ # فِي (الاعْتِصَامِ)(١) بِتَأْوِيلٍ حَسَنٍ، خُلَاصَتُهُ: أَنَّ اللَّامَ تُفِيدُ الاخْتِصَاصَ، فَالْجَائِرُ لَيْسَ بِإِمَامٍ لِلْمُؤْمِنِ، فَلَيْسَ لَهُ بِإِمَامٍ، وَإِنَّمَا يُعَاقَبُ مَنِ ائْتَمَّ بِهِ، فَلَا يَدْخُلُ الْمُؤْمِنُ فِي الوَعِيدِ بِتَرْكِهَا مَعَ الْجَائِرِ.
  قُلْتُ: وَأَيْضًا فِي الْخَبَرِ: «مَنْ تَرَكَهَا اسْتِخْفَافًا وَجُحُودًا»، وَفِي بَعْضٍ: «مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ»، فَتَارِكُهَا مَعَ الإِمَامِ الْجَائِرِ لَيْسَ مُسْتَخِّفًا بِهَا، وَلَاجَاحِدًا لِحَقِّهَا.
  مَعَ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ لَا يَقْوَى عَلَى مُعَارَضَةِ الأَدِلَّةِ مِنَ الآيَاتِ وَالأَخْبَارِ الْمُفِيدَةِ لِلْمَنْعِ، وَإِجْمَاعِ أَهْلِ البَيْتِ.
  وَمِنْ شُبَهِهِمْ: حُضُورُ بَعْضِ السَّلَفِ لِجُمَعِ الظَّلَمَةِ، وَلاَحُجَّةَ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لِلْتُّقْيَةِ، وَخَشْيَةِ السَّيْفِ وَالسَّوْطِ، أَوْ لِخَشْيَةِ افْتِرَاقِ كَلِمَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَغَلَبَةِ أَهْلِ الْكُفْرِ.
  وَقَدْ تَخَلَّفَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ # سِتَّةَ أَشْهُرٍ كَمَا رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا، ثُمَّ طَلَبَ مُصَالَحَةَ أَبِي بَكْرٍ، كَمَا فِي رِوَايَتِهِمَا.
  وَفِي رِوَايَتِهِمَا أَنَّ ذَلِكَ لانْصِرَافِ وُجُوهِ النَّاسِ بَعْدَ مَوْتِ فَاطِمَةَ &(٢)
  وَعِنْدَنَا أَنَّ ذَلِكَ لإِشْفَاقِهِ عَلَى الإِسْلَامِ، كَمَا قَالَ: (فَأَمْسَكْتُ يَدِي حَتَّى رَأَيْتُ رَاجِعَةَ الإِسْلاَمِ رَجَعَتْ، فَخَشِيتُ أَنْ أَرَى فِي الإِسْلَامِ ثَلْمًا هُوَ أَعْظَمُ عَلَيَّ مِنْ فَوْتِ وَلَايَتِكُمْ هَذِهِ)، أَوْ كَمَا قَالَ(٣).
(١) (الاعتصام) (٢/ ٥٠).
(٢) تقدَّم تخريجه.
(٣) ولفظها بتمامها - كما في (نهج البلاغة) من كتاب له # إلى أهل مصر مع مالك الأشتر لَمَّا وَلَّاه إمارتها: (أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ بَعَثَ مُحَمَّداً ÷ نَذِيراً لِلْعَالَمِينَ، وَمُهَيْمِنًا عَلَى الْمُرْسَلِينَ، فَلَمَّا مَضَى # تَنَازَعَ الْمُسْلِمُونَ الْأَمْرَ مِنْ بَعْدِهِ، فَوَاللَّهِ مَا كَانَ يُلْقَى فِي رُوعِي، وَلَا يَخْطُرُ بِبَالِي أَنَّ الْعَرَبَ تُزْعِجُ هَذَا الْأَمْرَ مِنْ بَعْدِهِ ÷ عَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَلَا أَنَّهُمْ مُنَحُّوهُ عَنِّي مِنْ بَعْدِهِ، فَمَا رَاعَنِي إِلَّا انْثِيَالُ النَّاسِ عَلَى فُلَانٍ يُبَايِعُونَهُ، فَأَمْسَكْتُ يَدِي حَتَّى رَأَيْتُ رَاجِعَةَ النَّاسِ قَدْ رَجَعَتْ عَنِ الْإِسْلَامِ يَدْعُونَ =