مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

فتاوى وبحوث فقهية

صفحة 653 - الجزء 1

  وَقَدْ بَيَّنَهَا خَبَرُ جِبْرِيلَ #؛ فَإِنَّهُ حَدَّدَ وَقْتَ كُلِّ صَلَاةٍ، وَقَالَ: «مَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ وَقْتٌ»، أَيْ مَا بَيْنَ وَقْتِ كُلِّ صَلَاةِ أَوَّلِ يَوْمٍ وَثَانِي يَوْمٍ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَقْتَيْنِ إِلَّا الْمَغْرِبَ؛ فَإِنَّهُ صَلَّاهَا أَوَّلَ يَوْمٍ وَثَانِيَ يَوْمٍ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، وَلَكِنْ قَدْ بَيَّنَ أَنَّ وَقْتَهَا يَمْتَدُّ إِلَى دُخُولِ الْعِشَاءِ بِجَعْلِ أَوَّلِ الْعِشَاءِ عِنْدَ ذَهَابِ الشَّفَقِ، وَتَأْخِيرُ صَلَاتِهَا فِي السَّفَرِ.

  وَالْمَعْلُومُ أَنَّ مِنْ دُخُولِ الْمَغْرِبِ إِلَى أَوَّلِ الْعِشَاءِ وَقْتٌ للْمَغْرِبِ.

  فَظَاهِرُ خَبَرِ جِبْرِيلَ # يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ التَّوْقِيتِ لِكُلِّ صَلَاةٍ، وَعَدمِ جَوَازِ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ، لَكِنَّهُ قَدْ صَحَّ بِرِوَايَةِ أَهْلِ البَيْتِ⁣(⁣١) وَغَيْرِهِمْ⁣(⁣٢) أَنَّ


(١) روى الإمام فقيه آل الرسول أحمد بن عيسى بن الإمام الأعظم زيد بن علي $ في (الأمالي - مع رأب الصدع) (١/ ٣٦٦)، رقم (٥٥٦) بإسناده عن سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس، قال: «صَلَّى رسول الله ÷ سبعًا جميعًا، وثمانيًا جميعًا»، وقال الإمام نجم آل الرسول القاسم بن إبراهيم $ في كتابه (صلاة اليوم والليلة) المطبوع ضمن مجموعه # (٢/ ٥٢٩): «وكلهم معًا إلَّا مَن جهل ففحش جهله، وقَلَّ عند علمائهم علمه، يزعمون أنَّ رسول الله ÷ جمع في الحضر وهو مقيم من غير سفر، ولغير علة من مرض، أو خوف، أو مطر، بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، فكفى بهذا في الأوقات من نور وضياء». وحكاه عنه الأمير الحسين # في (الشفاء) (١/ ٢٠٨).

وقال الإمام الأعظم الهادي إلى الحق الأقوم # في (المنتخب) بعد أن روى كثيرًا من الأخبار في جواز الجمع بين الصلاتين: «فَهَذِهِ أَخْبَارٌ صَحِيْحَةٌ مُوَافِقَةٌ لِكِتَابِ اللهِ، أَنَّ وَقْتَ الظُّهْرِ وَالعَصْرِ مِنَ زَوَالِ الشَّمْسِ إِلَى اللَّيْلِ، وَوَقْتَ الْمَغْرِبِ وَالعِشَاءِ إِلَى الفَجْرِ، وَهْوَ قَولٌ ثَابِتٌ، وَهْوَ قَولُ جَدِّي القَاسِمِ بْنِ إِبْرَاهِيْمَ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ، وَبِهِ نَأْخُذُ، وَالدَّلِيْلُ عَلَى صِحَّةِ هَذَا القَوْلِ وَثَبَاتِهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ÷ جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالعَصْرِ، وَالْمغْرِبِ وَالعِشَاءِ فِي الْمَدِيْنَةِ مِنْ غَيْرِ سَفَرٍ وَلَا خَوْفٍ وَلَا مَطَرٍ».

وممن روى أحاديث الجمع أيضًا واستوفى ذلك: الإمام المؤيد بالله # في (شرح التجريد) (١/ ٢٩٧) (مسألة: في الجمع بين الصلاتين)، والإمام المتوكل على الله # في (أصول الأحكام) (١/ ١٦٧)، والأمير الحسين # في (شفاء الأُوام) (١/ ٢٠٤)، والإمام المنصور بالله القاسم بن محمد @ في (الاعتصام) (١/ ٣٢٥)، وغيرهم.

(٢) روى مالك بن أنس في (الموطأ) (مع تنوير الحوالك للسيوطي) (ص/١٦٣) عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ÷ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا، وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا فِي غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا سَفَرٍ، ورواه أبو داود الطيالسي في (المسند) برقم =