مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

فتاوى وبحوث فقهية

صفحة 654 - الجزء 1

  الرَّسُولَ ÷ جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي الْمَدِينَةِ الْمُطَهَّرَةِ لِغَيْرِ سَفَرٍ وَلَا مَطَرٍ وَلَا عِلَّةٍ؛ لِئَّلاَ يُحْرِجَ أُمَّتَهُ إِنْ جَمَعَ رَجُلٌ، كَذَا وَرَدَتِ الأَخْبَارُ. فَدَلَّ عَلَى جَوَازِ الْجَمْعِ.

  فَخَبَرُ جِبْرِيلَ # مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ تِلْكَ الأَوْقَاتِ لِلْفَضِيلَةِ، وَكَذَلِكَ مُلَازَمَتُهُ ÷ لِتِلْكَ الأَوْقَاتِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا أَفْضَلُ.

  وَقَدْ أَجَابَ مَنْ أَوْجَبَ التَّوْقِيتَ عَنْ ذَلِكَ: بِأَنَّهُ لَمْ يُبَيَّنْ فِي الْخَبَرِ أَنَّهُ جَمَعَ تَقْدِيمًا أَوْ تَأْخِيرًا، وَبِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَخَّرَ الأُولَى، - أَي الظُّهْرَ، فِي جَمْعِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَالْمَغْرِبَ فِي جَمْعِ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ إِلَى آخِرِ وَقْتِهَا، - وَقَدَّمَ الأُخْرَى، وَهْيَ الْعَصْرُ فِي الأَوَّلِ، وَالْعِشَاءُ فِي الآخِرِ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا، - وَهْوَ الْمُسَّمَى بِالْجَمْعِ الصُّورِيِّ.

  وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُ الرُّوَاةِ، وَهْوَ أَبُو الشَّعْثَاءِ أَنَّهُ يَظُنُّهُ كَذَلِكَ.

  وَأَجَابَ مَنْ أَجَازَ الْجَمْعَ: بِأَنَّهُ لَا يَضُرُّ عَدَمُ البَيَانِ لِكَوْنِهِ تَقْدِيمًا أَوْ تَأْخِيرًا؛


= (٢٧٥١)، بإسناد صحيح، ورواه أبو عَوانة في (المسند) برقم (٢٣٩٤) من طريق أبي داود الطيالسي، ورواه الحافظ عبد الرزاق بن همَّام الصنعاني برقم (٤٤٣٥)، ورواه مسلم في (صحيحه) وبوَّب له (باب الجمع بين الصلاتين في الحضر) برقم (١٦٢٨)، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «صَلَّى رَسُولُ اللهِ ÷ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا، وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا، فِي غَيْرِ خَوْفٍ، وَلَا سَفَرٍ». وبرقم (١٦٢٩)، ورقم (١٦٣٣)، ورواه الترمذي في (السنن) برقم (١٨٧)، ورواه أحمد بن حنبل في (المسند) (٢/ ٤٦١) برقم (١٩٥٣)، ط: (دار الحديث) عن جابر بن زيد، عن ابن عباس. قال الشيخ أحمد شاكر: «إسناده صحيح»، وروى الحافظ الكبير ابنُ أبي شيبة في (المصنف) برقم (٨٣١٥) بإسناده عَنْ صَالِحٍ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «جَمَعَ رَسُولُ اللهِ ÷ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي الْمَدِينَةِ فِي غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا مَطَرٍ. قَالَ: فَقِيلَ لاِبْنِ عَبَّاسٍ: لِمَ فَعَلَ ذَلِكَ؟ قَالَ: أَرَادَ التَّوْسِعَةَ عَلَى أُمَّتِهِ»، ورواه الحافظ عبد الرزاق بن همَّام الصنعاني برقم (٤٤٣٤)، وبرقم (٤٤٣٧) عن ابن عمر، وأبو يعلى برقم (٢٦٧٨). قال المحقق (حسين سليم): «إسناده صحيح»، ورواه عبد بن حميد برقم (٧٠٩)، وروى أيضًا برقم (٦٠٨)، بإسناده عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ÷ جَمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي الْحَضَرِ، أَفَلَا أَجْمَعُهُمَا فِي السَّفَرِ؟!»، وبرقم (٦٠٩)، بلفظ: «أن رسول الله ÷ جمع بين الصلاتين في الحضر والسفر»، وغيرهم كثير جدًّا.