مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

فتاوى وبحوث فقهية

صفحة 696 - الجزء 1

  وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ تَخْصِيصِ الْكِتَابِ وَالْمُتَوَاتِرِ، أَوْ عَلَى فَرْضِ أَنَّهَا مَعْلُومَةٌ فَتَخْصِيصُهَا بِهَذِهِ الْأَدِلَّةِ الصَّحِيحَةِ الصَّرِيحَةِ أَرْجَحُ وَأَصَحُّ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى ذَوِي الْبَصَائِرِ الثَّاقِبَةِ، وَالْأَنْظَارِ الصَّائِبَةِ.

  وَلَا يَكُونُ مَنِ امْتَثَلَ لِأَمْرِ اللهِ وَوَثَقَ باللهِ مُلْقِيًا بِنَفْسِهِ إِلَى التَّهْلُكَةِ بَلْ مِنَ الْمُسَارِعِينَ إِلَى الْخَيْرَاتِ، وَالْمُسَابِقِينَ إِلَى الْمَغْفِرَةِ.

  وَإِنَّمَا يُحْمَلُ مَا صَحَّ مِنَ النَّهْيِ عَلَى التَّجَنُّبِ وَالتَّنَزُّهِ عِنْدَ عَدَمِ الْمُوجِبَاتِ لِلْمُبَاشَرَةِ مَعَ الْاعْتِقَادِ بِأَنَّ الْأَمْرَ للهِ تَعَالَى، وَالْحُكْمَ لَهُ جَلَّ وَعَلَا.

  وَمَنْ دَانَ بِخِلَافِ ذَلِكَ وَالْعِيَاذُ باللهِ تَعَالَى - كَمَا يَحْصُلُ مِنْ جَهَالَاتِ أَرْبَابِ الضَّلَالَاتِ - فَقَدْ أَلْحَدَ فِيمَا اعْتَقَدَ، وَأَشْرَكَ باللهِ وَمَا وَحَّدَ.

  وَيَكُونُ فَائِدَةُ التَّجَنُّبِ إِمَّا لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْقُدُومُ إِلَى بَلَدِ الطَّاعُونِ، وَالسُّكُونُ لِبِلَادِ الْأَسْدَامِ، وَالْمُخَالَطَةُ لِذَوِي الْأَسْقَامِ سَبَبًا مِنْ أَسْبَابِ اللهِ تَعَالَى كَمَا سَبَقَ، أَوْ لِصِيَانَةِ الْعَقِيدَةِ مِمَّنْ تَتَزَلْزَلُ عِنْدَ حُدُوثِهِ قَدَمُهُ، وَلَا يَثْبُتُ عَلَى الْحَقِّ عِلْمُهُ وَفَهْمُهُ.

  ثَبَّتَنَا اللهُ وَإِيَّاكُمْ وَالْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْمَنْهَجِ الْقَوِيمِ وَرَزَقَنَا سُلُوكَ صِرَاطِهِ الْمُسْتَقِيمِ وَصَلَوَاتُ اللهِ وَسَلَامُهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ.

  تَمَّ الْجَوَابُ الْمُفِيدُ، وَالْخِطَابُ الْكَافِي لِمَنْ يُرِيد. تُرِكَ رَسْمُ السُّؤَالِ لِتَضَمُّنِ الْجَوَابِ أَبْعَاضَهُ، وَالْقَصْدُ الْفَائِدَةُ وَحُصُولُهَا فِي الْمَرْسُومِ.

  تَمَّ نَقْلُهُ مِنْ وَرَقَةٍ قَالَ فِيهَا: كَتَبَ الْمُفْتَقِرُ إِلَى اللهِ سُبْحَانَهُ: مَجْدالدِّين بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ الْمُؤَيَّدِيُّ عَفَا اللهُ عَنْهُم. شَهْرُ جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ ١٣٦٥ هـ.

  وَكَتَبَ هَذَا الفَقِيرُ إلَى رَبِّهِ، الْمُحْتَاجُ إِلَى عَفْوِهِ وَإِحْسَانِهِ: عَبْدُ الْكريمِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعِجْرِيُّ وَفَّقَهُ اللَّهُ.

  *******