مجمع الفوائد المشتمل على بغية الرائد وضالة الناشد،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

فتاوى وبحوث فقهية

صفحة 704 - الجزء 1

  فَتَقَرَّرَ أَنَّ الْحُكْمَ بِالتَّعَلُّقِ بِالْحُكْمِ هُوَ إِعْطَاءُ النَّظَرِ حَقَّهُ أَوْ عَدَمهُ، فَلَا يَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ كَوْنُ النَّهْيِ يَدُلُّ عَلَى الفَسَادِ أَوْ عَدَمِهِ.

  وَأَمَّا مَسْأَلَةُ القَاعِدَةِ الأُصُولِيَّةِ مَا لَا يَتِمُّ الوَاجِبُ إِلَّا بِهِ يَجِبُ كَوُجُوبِهِ، فَالْحَقُّ اسْتِشْكَالُ ذَلِكَ؛ لِمُعَارَضَتِهِ لِلْقَاعِدَةِ الأُخْرَى، قَوْلُهُم: تَحْصِيلُ شَرْطِ الوَاجِبِ لِيَجِبَ لَا يَجِبُ.

  وَجَوَابُهُ: أَنَّ الأَمْرَ إِنْ وَرَدَ مُطْلَقًا، وَجَبَ تَحْصِيلُ مَا لَا يَتِمُّ إِلَّا بِهِ، وَإِنْ وَرَدَ مُقَيَّدًا بِشَرْطِهِ فَتَحْصِيلُ شَرْطِهِ لَا يَجِبُ.

  وَدَلِيلُهُ فِي الشَّاهِدِ: إِذَا قَالَ السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ: اصْعَدْ إِلَى السَّطْحِ، فَلَمْ يُكَلِّفْهُ إِلَّا بِالصُّعُودِ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ فِعْلُهُ بِأَيِّ وَجْهٍ، إِمَّا بِالتَّسَوُّرِ أَوْ سُلَّمٍ أَوْ أَيِّ حِيلَةٍ، فَذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِهِم: مَا لَا يَتِمُّ الوَاجِبُ إِلَّا بِهِ يَجِبُ لِوُجُوبِهِ.

  وَإِنْ قَالَ لَهُ: انْظُرْ سُلَّمًا⁣(⁣١)، وَاصْعَدْ عَلَيْهِ إِلَى السَّطْحِ، فَقَدْ عَلَّقَ الصُّعُودَ بِوُجُودِ السُّلَّمِ، فَإِنْ وَجَدَهُ وَجَبَ الصُّعُودُ، وَإِلَّا فَلا.

  وَدَلِيلُهُ فِي أَوَامِرِ الشَّارِعِ: {وَلِلَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلۡبَيۡتِ مَنِ ٱسۡتَطَاعَ إِلَيۡهِ سَبِيلٗاۚ}⁣[آل عمران: ٩٧]، فَقَدْ عَلَّقَ الوُجُوبَ بِالاِسْتِطَاعَةِ، فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّكَسُّبُ لِتَحْصِيلِ الاِسْتِطَاعَةِ إِجْمَاعًا.

  - وَأَمَّا مَسْأَلَةُ قَتْلِ الْخَطَأِ، فَمَنْ قَصَدَ الذَّاتَ الَّتِي أَصْلُهَا تَحْرِيمُ القَتْلِ فَهْوَ عَامِدٌ لِقَتْلِ النَّفْسِ الْمُحَرَّمَةِ، لَا إِنْ كَانَ أَصْلُهَا إِبَاحَةَ القَتْلِ، كَمَا اسْتَثْنَاهُ فِي (الأَزْهَارِ) بِغَالِبًا.

  - وَأَمَّا مَسْأَلَةُ نَكْتَلْ، فَهْوَ مُشْتَقٌّ، وَمَصْدَرُهُ كَيْلًا، وَعِنْدَ تَصْرِيفِهِ صَارَ الْمُضَارِعُ مِنْهُ (نَكْتَالُ)، وَعِنْدَ جَزْمِهِ جَوَابًا لِلأَمْرِ، وَهْوَ {أَرۡسِلۡ} حُذِفَتِ العَيْنُ، وَالنُّونُ نُونُ الْمُضَارِعِ، وَالتَّاءُ تَاءُ الاِفْتِعَالِ، فَعَرَفْتَ حِينَئِذٍ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنَ الأُصُولِ إِلَّا الكَافُ وَاللَّامُ، وَالبَاقِي زَوَائِدُ، فَوَزْنُهُ: (نَفْتَل).


(١) الصواب: وإن قال له: اصعد السطح إن كان السلم منصوبًا، أمَّا عبارة الإمام فقد كَلَّفَهُ بنصْب السلّم. فتأمل. تمت سماعًا عن الإمام الحجّة مَجْدالدِّيْن بن محمد المؤيدي #.