الوشي المختار على حدائق الأزهار،

الحسين بن يحيى بن محمد (المتوفى: 1435 هـ)

(8) (باب: ويجب قصر الرباعي)

صفحة 101 - الجزء 1

(٨) (بَابٌ: وَيَجِبُ قَصْرُ الْرُبَاعِيِّ)

  إلَى اثْنَتَيْنِ عَلَى مَنْ تَعَدَّى مِيلَ بَلَدِهِ مُرِيدًا أَيَّ سَفَرٍ بَرِيدًا حَتَّى يَدْخُلَهُ مُطْلَقًا⁣(⁣١)، أَوْ يَتَعَدَّى فِي أَيِّ مَوْضِعٍ شَهْرًا، أَوْ يَعْزِمَ هُوَ أَوْ مَنْ يُرِيدُ لِزَامَهُ عَلَى إقَامَةِ عَشْرٍ⁣(⁣٢)


(١). أي: سواء كان مختاراً أم مكرهاً.

(٢). الحمد لله، وبعد، فإنه قد ثبت أن المسافر يقصر، واتفق أسلافنا على أن من نوى إقامة عشر في أي موضع يبطل حكم السفر، وأن من تردد في أي يوم يسافر ولم يعزم على إقامة عشر - فإنه يقصر إلى شهر، ثم ينتهي حكم السفر، وليس لمن هو في وطنه من أحكام السفر شيء، فجعلوا من هذه دار وطن ودار إقامة، أما دار الوطن: فهي دار وطن دائماً؛ ليس لها أحكام السفر؛ فلا يقصر فيها، ولا يفطر، إلا أن يخرج منها، ويضرب عنها كما فعل رسول الله ÷ حين هاجر وأضرب عن مكة، ولهذا قصر فيها بعد، وهذا الدليل على أن الإضراب يبطلها.

وأما دار الإقامة فليست دار إقامة دائماً؛ فإذا سافر منها انتهت، فإذا عاد فليست له دار إقامة؛ إلا أن ينوي ثانياً إقامة عشر، فإذا عرفت أنها قد أبطلت حكم السفر فإذا أضرب منها وحده وخرج منها فلا يرجع له حكم السفر إلا إذا نوى سفراً جديداً، أما الأول فقد بطل، ولا يثبت له حكم السفر إلا مثل الذي يثبت له من وطنه، وقد قالوا: إذا أضرب عنها في صلاته فلا يقصر إلا إذا كان في سفينة ومشت به ميلاً، ثم اضطرب كلامهم عند ذكر الفوارق بين الدارين؛ فقالوا: تنتهي بنقل القدم مع الإضراب، وقد قرروه للمذهب، لكن لا نسلم أنه يثبت له حكم السفر بنقل القدم، بل بسفر جديد كما لو عاد وطنه؛ والجامع بينهما أنهما قد أبطلا حكم السفر، ولا يمكن أن نثبت له ما قد بطل إلا ببرهان، ولا مشاحة في التسمية والاصطلاح؛ أعني: لو سلمنا أنها لا تسمى دار إقامة، وقد قالوا في موضع آخر: فإن تعدى ميل إقامته لا إلى بريد عازماً على العودة إليها فلا يقصر؛ إذ لا يصير به مسافراً، فكيف قالوا: أن من عزم على الإقامة في بلد يخرج منها أكثر من ميل قبل انتهاء العشر إنه لا يسمى مقيماً، وإنه يقصر ولو إلى سنة. قلنا: ولا يسمى =