الوشي المختار على حدائق الأزهار،

الحسين بن يحيى بن محمد (المتوفى: 1435 هـ)

الإمام المهدي (ع) والمعتزلة:

صفحة 23 - الجزء 1

  ما بين قولي عن أبي عن جدِّهِ ... وأبو أبي فهو النبيُّ الهادي

  وفتىً يقولُ: حَكَى لنا أشياخُنا ... ما ذلك الإسناد مِنْ إِسنادي

  ومن ثَمّ حكمنا بأنهم أصل علوم الدين النبوي؛ لأنهم الذين أتوه من بابه.

  وقال في وصف علم آل محمد (ع): فبارك الله عليه كما بارك على إبراهيم حتى كاد يملأ الخافقين سناها، وينطح الفرقدين نماها، ولعمري، إن علمهم هو المأخوذ عن عيون صافية، نبعت من صدور زاكية، مجراها باب مدينة علوم الإسلام، ومنبعها من أخذ عن جبريل (ع)؛ ومن ثمة وصفهم جدهم بأنهم سفينة النجاة من العذاب، وجعلهم في كونهم الحجة قسيم الكتاب؛ فنسأل الله أن يهدينا بهديهم، وأن يستعملنا في حميد سعيهم، الذي ينالون به من رضاه حبوراً، وينخرطون في سلك من يقال له: إن هذا كان لكم جزاءً وكان سعيكم مشكوراً.

الإمام المهدي (ع) والمعتزلة:

  قال الإمام الحجّة/ مجدالدين بن محمد المؤيدي # في كتابه التحف شرح الزلف ص ٢٧٨ ط ٤: ويوجد في مؤلفاته الكلامية اختيار أقوال للمعتزلة لا توجب التضليل، والذي يظهر أن الإمام وغيره من أهل ذلك العصر تأولوا كلام المعتزلة وحملوه على أحسن المحامل، فلما صح لهم ذلك جعلوا تلك الأقوال لهم، على أنه يخطئهم في مسائل عدة، فأما الإمام فلا يحتاج كلامه إلى تأويل؛ لأنه مصرح بأن ليس المراد مثلاً بثبوت ذوات العالم في الأزل إلا تعلق العلم بها والحكم عليها، ونحو ذلك، فلم يبق إلا الخطأ في العبارة.

  لكن يقال: إن لم يكن مقصودهم [أي: المعتزلة] إلا ذلك فلم لا يقولون هي ثابتة في القدم، فما بال الفرق بين الأزل والقدم، لأن الله سبحانه وتعالى عالم بما كان وما يكون، ومالم يكن لو كان كيف كان يكون، وعلم الله لا يقتضي التخيل والتصور {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}، فإن كان قصدهم بالثبوت هو صحة العلم بها ونحوها وقد صرحوا بأنها غير ثابتة في القدم، فإذا مقتضى كلامهم أن الله لا يصح أن يعلمها في القدم، وهل هذه إلا جهالة لا محالة.