الوشي المختار على حدائق الأزهار،

الحسين بن يحيى بن محمد (المتوفى: 1435 هـ)

(4) (فصل): والمستحاضة كالحائض

صفحة 71 - الجزء 1


= المفاسد أعظم من فعل المصلحة، وكذا العقل؛ لأن ترك المضرة والفرار منها أعظم من جلب المنفعة. هذا تقرير شبهتهم.

والجواب: أنها إذا تركت الصلاة مدة إطباقه فقد تركت الواجب قطعاً، ووجوبه قطعي. وإذا صلت وقت صلاة قرائبها فإنما يحتمل أنها فعلت محظوراً، وحظره ظني - أيضاً -؛ وهذ الاحتمال موجود في المبتدأة؛ ولأن هذه المفسدة ليس فيها ضرر؛ بل تؤول إلى فعل المصلحة؛ وهي تقديس القرآن والرفع من شأنه، فتساويا، وليس من تلاه لإسقاط الواجب ولقصد الامتثال لأوامر الله مستهيناً به، ولا مستخفاً؛ بل مقدساً ورافعاً لشأن القرآن بامتثال أوامره، وكذا الناسية لعددها فقط، والناسية لوقتها فقط، ترجع كل واحدة منهما إلى قرائبها فيما نسيته؛ لأن أمر هؤلاء الثلاث - الناسية لوقتها وعددها، أو لوقتها، أو لعددها - صار مجهولاً، كالمبتدأة سواء سواء، فيرجعن إلى القرائب فيما جهلنه، وإن اختلف حالهن إذا عدمت القرائب، أو كان حالهن كحالها؛ فالناسية لعددها تتحيض في وقتها ثلاثاً؛ لأنه المتيقن، ثم تغتسل وتصلي بقية العشر بالتسبيح.

وإنما اخترنا لها الصلاة بالتسبيح في بقية العشر؛ لأن أمرها صار محتملاً؛ لأنه يحتمل أن تكون حائضاً، فتكون ممنوعة من الصلاة، وأن تكون طاهرة، فتجب عليها الصلاة؛ فرأينا لها حكماً بين الحكمين، وهو الصلاة بالتسبيح؛ لأنها ليست ممنوعة إلا من القراءة، وصار لها عذر في ترك القراءة؛ كالتي لا تحسن القراءة، فصارتا مشتركتين في امتناع القراءة عليهما؛ لتعذرها في التي لا تحسن، ومنع الشرع لها في الأخرى. ثم تغتسل بعد تمام العشر؛ لأنه يحتمل أن يكون حيضها أكثر من ثلاث احتياطاً، ثم تصلي بالقراءة إلى وقتها المذكور؛ لأنها ذاكرة لوقتها.

وأما الذاكرة لعددها فقط فتحيض حين ابتدأها الدم ذلك العدد؛ لأن الظاهر أنه حيض؛ لأنه وقت إمكان، ثم تغتسل وتصلي بالقرآن حتى يأتي مثل ذلك الوقت حين ابتدأها الدم فتحيض ذلك العدد، ثم تصلي، وهكذا.

وأما الناسية لوقتها وعددها فتحيض حين ابتدأها الدم ثلاثاً، ثم تغتسل وتصلي بالتسبيح بقية العشر، ثم تغتسل احتياطاً، وتصلي بالقرآن؛ لأنه لا يمكن حيض أكثر من عشر؛ فإذا جاء مثل ذلك الوقت الذي تحيضت فيه تحيضت ثلاثاً، وتفعل مثلما فعلت أولاً، وهكذا حتى يفرج الله عنها.

ولعل هذه الأحكام الأخيرة أولى من الرجوع إلى قرائبهن وإن كان لهن عادة؛ لأنه قد يفرق =