[126] الفقيه أبو محمد، عمارة بن أبي الحسن علي
  ولما دخل مصر والخليفة يومئذ الفائز بن الظافر والوزير الصالح بن رزّيك أنشدهما [من البسيط]:
  الحمد للعيس بعد العزم والهمم ... حمدا يقوم بما أولت من النّعم
  لا أجحد الحقّ عندي للركاب يد ... تمنّت اللّجم فيها رتبة الخطم
  قرّبن بعد مزار العز من نظري ... حتى رأيت إمام العصر من أمم
  ورحن من كعبة البطحاء والحرم ... وفدا إلى كعبة المعروف والكرم
  فهل درى البيت أني بعد فرقته ... ما سرت من حرم إلّا إلى حرم
  حيث الخلافة مضروب سرادقها ... على النقيضين من عفو ومن كرم
  وللإمامة أنوار مقدّسة ... تجلو البهيمين من ظلم ومن ظلم
  وللنبوة آيات تنصّ لنا ... على الخفيين من حكم ومن حكم
  وللمكارم أعلام تعلمنا ... مدح الجزيلين من بأس ومن كرم
  وللعلا ألسن تثني محامدها ... على الحميدين من فضل ومن شيم
  وراية الشرف البذاخ ترفعها ... يد الرفيعين من مجد ومن همم
  أقسمّت بالفائز المعصوم معتقدا ... فوز النجاة وأجر البر في القسم
  لقد حمى الدين والدنيا وأهلهما ... وزيره الصالح الفرّاج للغمم
  اللابس الفخر لم تنسج غلائله ... إلا يد الصّانعين السيف والقلم
  وجوده أوجد الأيام ما اقترحت ... وجوده أعدم الشاكين للعدم
  قد ملّكته العوالي رقّ مملكة ... تعير أنف الثريّا عزة الشّمم
  أرى مقاما عظيم الشأن أوهمني ... في يقظتي أنها من جملة الحلم
  يوم من العمر لم يخطر على أملي ... ولا ترقّت إليه رغبة الهمم
  ليت الكواكب تدنو لي فأنظمها ... عقود مدح فما أرضى لكم كلمي
  ترى الوزارة فيه وهي باذلة ... عند الخلافة نصحا غير متهم
  عواطف علمتنا أن بينهم ... قرابة من جميل الرأي لا الرّحم
  خليفة ووزير مدّ عدلهما ... ظلّا على مفرق الإسلام والأمم
  زيارة النيل نقص عند فيضهما ... فما عسى نتعاطى منّة الديم(١)
  هذه القصيدة تدنو لها الكواكب خضوعا، وتتمنّى الورقاء لو لقنتها فتسجع
(١) النكت العصرية ٣٢ - ٣٤، وفيات الأعيان ٣/ ٤٣٢ - ٤٣٣. الغدير ٤/ ٤١١ - ٤١٢.