[127] السيد عيسى بن لطف الله بن المظهر بن
  فيا ابن جابر ما للهجر من سبب ... يشفي فؤاد الشجي إلا إذا احييتا
  سقى الآله ضريحا أنت ساكنه ... وطف الغمايم لا تجفوا المواقيتا
  حتى يرى حول ذاك القبر مبتسما ... زهر الروابي حكى درّا وياقوتا(١)
  وقوله: «من فتية من كماة الترك». والبيت الذي بعده لإبراهيم الغزي(٢) الشاعر المشهور ضمّنها واضطر إلى تغيير الأوّل، وأصله «وفتية»، وأجاد إبراهيم فيهما بل لم تمدح الترك بأحسن منهما، وبعدهما أيضا وهو معنى بديع:
  مدت إلى النهب أيديهم وأعينهم ... وزادهم صغر الأحداق تثبيتا
  وأمّا نهر طالوت فهو نهر الأردن بالشام، ولم يعلم له بحلاوة تزيد على الأنهار، وإنّما اللائق أن يقال أحلى من الخمر والعسل ومن نومة شوال، ونحو ذلك وعذر المتنبي أوضح من هذا مع ثقل لفظه «طالوت» وطوله وأنّما يشبه النائل القليل بنهر طالوت لمن أراد وليعذر الناظر فإن هذا الأديب يؤخذ عليه الخطا.
  وحكى لي السيد أحمد بن الحسين بن يحيى بن أحمد سيد الكوكباني(٣):
  أنه لم يصح قتل الغلام الذي رثاه بهذه الأبيات.
  ومات السيد عيسى بن لطف اللّه في دولة الإمام المؤيد باللّه بن المنصور بعد وفاة والده المنصور باللّه القاسم وزوال دولة الرّوم من اليمن، وأخبرت: إنه وفد إلى المؤيد إلى شهارة باستدعائه إيّاه فأحسن إليه، وكان إذا اذكرت عنده لفظات أطلقها في مؤلفاته مما يقدح في الدولة الإمامية، يستحي كثيرا.
  وله غير ذلك من الأشعار كالقصيدة الرائية التي استغاث بمن أنشأها في مديحه، فكشف اللّه عنه ببركات ممدوحه بها كربه وزال غمّه وهمّه، وأوّلها:
  يا أخا أحمد في أفعاله ... أنت هارون لطه المضري
  يا عليّاه إلى سرح الغري ... يا سريا دونه كلّ سري
  ذكر فيها جملا من فضائله ~ والذي حكى لي الحكاية عن قتل الغلام، أعني السيد أحمد بن حسين شاعر متأدب.
(١) بعضها في البدر الطالع ١/ ٥١٦.
(٢) مرت ترجمته بهامش سابق.
(٣) ترجمته في نشر العرف ١/ ١٣٤ - ١٣٥.