[128] أم أبيها فاطمة الزهراء ابنة رسول الله
  وإن أردت جهادا روّ سيفك من ... قوم أضاعوا فروض اللّه والسننا
  طهّر بسيفك بيت اللّه من دنس ... وما أحاط به من خسّة وخنا
  ولا تقل إنهم أبناء فاطمة ... لو أدركوا آل حرب حاربوا الحسنا
  فرأى في منامه فاطمة صلوات اللّه عليها وهي تطوف بالبيت، فسلّم عليها فلم تجبه، فتضرع وتذلل وسألها عن ذنبه، فأنشدته:
  حاشا بني فاطمة كلّهم ... من خسة تعرض أو من خنى
  وإنّما الأيام في غدرها ... وفعلها السوء أساءت بنا
  فتب إلى اللّه فمن يقترف ... إثما يتب يأمن ممّا جنا
  أإن أسا من ولدي واحد ... تجعل كل السّب عمدا لنا؟
  أكرم لعين المصطفى أحمد ... ولا تهن من آله أعينا
  فكلّما نالك منهم غدا ... تلقى به في الحشر منّا منى
  قال أبو المحاسن: فانتبهت من نومي مرعوبا وقد أكمل اللّه عافيتي من الجراح والمرض، وكتبت الأبيات وحفظتها وتبت إلى اللّه تعالى مما قلت وقطعت تلك القصيدة، وقلت:
  عذرا إلى بنت نبي الهدى ... يصفح عن ذنب مسيء جنى
  وتوبة تقبلها من أخي ... مقالة توقعه في الخنا
  واللّه لو قطّعني واحد ... منهم بسيف البغي أو بالقنا
  لم أر ما يفعله سيّئا ... بل إنه في الفعل قد أحسنا(١)
  قلت: ظهر بهذا المنام أن سرّ الزهراء صلوات اللّه عليها ملاحظ لذريتها، وأنا أسأل اللّه بجاهها أن يجعلني ممن ينفعه خالص ودادها في الدنيا والآخرة، وظهر لهذا هذا النظام الجوهري الذي ارتجلته، وما أحسن في آخره منّا منى، وبان به إن أبا المحاسن ابن عنين دان بالتشيع، فنشير إلى بعض أخباره.
  وذكر ابن خلكان: إنه كان أشعر أهل الشام في وقته، وأعرفهم بنقد الشعر وكان هجاء وله قصيدة سماها «مقراض الأعراض» جمع فيها خلقا من أهل
(١) عمدة الطالب ١٣٠ - ١٣٢، ديوان ابن عنين ١٠٢ - ١٠٣، جواهر العقدين في فضل الشرفين ٢/ ٢٧٠ - ٢٧١.