نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[132] أبو دلف، القاسم بن عيسى بن إدريس

صفحة 506 - الجزء 2

  لصاحبتها: هذا أبو دلف، قالت: ومن أبو دلف؟ قالت: الذي يقول فيه علي بن جبلة:

  إنما الدنيا أبو دلف ... بين باديه إلى حضره

  فإذا ولّى أبو دلف ... ولّت الدنيا على أثره⁣(⁣١)

  فاستعبر أبو دلف حتى جرى دمعه، فقال أخوه: مالك تبكي؟ قال: لأني لم أقض حق علي بن جبلة، قال: أو لم تعطه مائة ألف درهم؟ قال: واللّه ما حسرة تقارب حسرتي على إن لم أعطه لهذه القصيدة مائة ألف دينار، وواللّه لو فعلت ما قضّيته حقه.

  وقال العكوك: زرت أبا دلف فكنت لا أدخل عليه إلّا تلقّاني ببرّه، فأفرط فقصرت عنه حياء منه، فبعث إليّ بأخيه معقل، فقال: إن الأمير يقول: لم هجرتنا لعلك استنزرت أو استبطأت بعض ما كان منّا! فإن يك هذا زدناك حتى ترضى، فدعوت من كتب لي هذه الأبيات ثمّ دفعتها إلى معقل وسألته أن يوصلها إليه:

  هجرتك لم أهجرك من كفر نعمة ... وهل يرتجى نيل الزيادة بالكفر

  ولكنّني لما أتيتك زائرا ... فأفرطت في برّي عجزت عن الشكر

  فم الآن لا أتيتك إلّا مسلّما ... أزورك في الشهرين حينا وفي الشهر

  فإن زدتّني برّا أزيدك هجرة ... ولم تلقني طول الحياة إلى الحشر

  فاستحسنها معقل، وقال: أن الأمير ليعجبه مثل هذه المعاني، فلما أبلغها أبا دلف، قال: للّه درّه فما أرّق معانيه، ثم كتب إليّ:

  ألا ربّ ضيف طارق قد بسطته ... وآنسته قبل الضيافة بالبشر

  أتاني يرجّيني فما حال دونه ... ودون القرى من نائلي عنده ستري

  وجدت له فضلا عليّ بقصده ... إليّ وبّرا يستحق به شكري

  وزوّدته مالا يقل بقاؤه ... وزوّدني مدحا يدوم مدى الدهر

  ثم وجّه بها مع وصيف يحمل ألف دينار⁣(⁣٢).

  قلت: رحم اللّه أبا دلف وقد فعل، فلقد أتعب من بعده وألبسه ثوب


(١) كاملة في الأغاني ٢٠/ ٢٥ - ٢٧.

(٢) الأغاني ٢٠/ ٣١.