نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[135] أبو عمرو، قيس بن ذريح بن شبة بن حذافة

صفحة 526 - الجزء 2

  وقال يمدح ابن أبي عتيق:

  جزى الرحمن أفضل ما يجازي ... على الإحسان خيرا من صديق

  فقد جرّبت إخواني جميعا ... فما ألفيت كابن أبي عتيق

  سعى في جمع لبنى بعد صدع ... ورأي جزت فيه عن الطريق

  وأطفأ لوعة كانت بقلبي ... أغصّتني حرارتها بريقي

  فقال له ابن أبي عتيق: أمسك⁣(⁣١) يا أخي عن هذا الكلام فما يسمعه أحد إلا ظنني قوّادا.

  * * *

  وسرف: بفتح المهملة وكسر الراء وفاء واد على ستة أميال من مكّة.

  وابن أبي عتيق هذا: رجل من ولد أبي بكر بن أبي قحافة وكانت له نوادر، منها ما ذكره المدائني وابن دأب: إنّ روح بن زنباع جليس عبد الملك رأى منه إعراضا وجفوة فقال للوليد بن عبد الملك: أما ترى ما أنا فيه من أمير المؤمنين من إعراضه عنّي حتى لقد فغرت السّباع أفواهها نحوي وأهوت مخالبها إلى وجهي؟ فقال الوليد: إحتل في حديث تضحكه كما احتال مرزبان نديم سابور.

  قال: وما كان من خبره مع الملك قال الوليد: كان مرزبان من سمّار سابور فظهرت له من سابور جفوة، فلما علم ذلك تعلّم نباح الكلاب، وعوي الذئاب، ونهيق الحمير، وزقاء الديوك، وسحيح البغال، وصهيل الخيل، ومثل هذا، ثمّ توصّل إلى مجلس يقرّب من خلوة الملك وفراشه وأخفى نفسه، فلما خلّى الملك نبح نباح الكلاب فلم يشك الملك إلّا أنّه كلب وابن كلب، فقال ما هذا؟ فعوى عوي الذئاب فنزل الملك عن سريره فنهق نهيق الحمير، فمضى الملك هاربا على وجهه ومضى الغلمان يتبعون الصوت، فلما قربوا ترك ذلك الصوت، وأحدث صوتا آخر من أصوات البهائم فاحجموا عنه، ثم اجتمعوا فاقتحموا عليه، فلمّا نظروا إليه قالوا للملك: هذا مرزبان المضحك فضحك الملك ضحكا شديدا، وقال: ويحك ما حملك على هذا؟ قال: إنّ اللّه مسخني كلبا وحمارا وكل خلق لمّا غضبت عليّ، فأمر الملك بالخلع عليه وردّه إلى منزلته وتجدّد له سرورا.


(١) الأغاني ٩/ ٢٥٢ - ٢٥٣ باختصار.