[3] الإمام أبو الحسن، إبراهيم بن عبد الله
  فبلغ شعره أبا جعفر فاستدعاه واستنشده، ثم قال: إنّكم واللّه يا آل الزبير لطالما استهوتكم النساء حتى شققتم معهن العصا قديما(١)، يعرّض له بالزبير وعائشة.
  ثم قال المنصور: لكن الذي يعجبني أن يحدوني الحادي بقول طريف العنبري(٢) [من الكامل]:
  إنّي وإن كان ابن عمّي كاشحا(٣) ... لمزاحم من خلفه وورائه
  الأبيات المشهورة في الحماسة(٤).
  فهو أشبه بالمروة والأدب، فدعا له الربيع حاديا، كان إذا حدا وقفت الإبل لطيب نغمته، وتعطش أياما ثم يدلى لها الماء فيحدو فتمسك عن شرب الماء، فحدا له ليلة اجمع فاشتد طرب المنصور وقد لاح الصباح فقال: يا ربيع إعطه درهما، فقال الحادي: يا أمير المؤمنين، حدوت لهشام بن عبد الملك صوتا فأمر لي بعشرين ألف درهم، وقد حدوت لك ليلتي كلها فتجيزني بدرهم؟ فقال: اللّه أكبر ذكرت ما كان ينبغي أن تكتمه، ذكرت رجلا ظالما طالما أخذ مال اللّه من غير حلّه، ووضعه في غير حقّه، يا ربيع دونك الرجل حتى يؤدي ما أعطاه هشام، فبكى الحادي وقال: قد ذهب ذلك كله، وأكلته السنون والعيال، ولم يزل يشفع له من حضر حتى أعفاه، وشرط أن يحدو به ذاهبا وراجعا ولا يأخذ منه شيئا(٥).
(١) الأغاني ١٥/ ٢٧ - ٢٨.
(٢) طريف بن تميم العنبري، أبو عمرو: شاعر مقل، من فرسان بني تميم، في الجاهلية، قتله أحد بني شيبان.
ترجمته في:
سمط اللآلي ٢٥٠ - ٢٥١ الإعلام ط ٤/ ٣ / ٢٢٦.
(٣) الكاشح: مظمر العداوة.
المقطوعة كاملة في الأغاني ١٥/ ٢٩.
(٤) الحماسة لأبي تمام ٥٥١ - ٥٥٢ مع اختلاف قليل في اللفظ، وفيه أنها للهذيل بن مشجعة البولاني.
(٥) الأغاني ١٥/ ٢٩ - ٣٠