[137] أبو صخر كثير بن عبد الرحمن بن الأسود بن
  ثلاثة أشبار فلا تصدّقه، وكان إذا دخل على عبد العزيز بن مروان يقول له:
  طأطئ رأسك لا يصيبك السقف، يتهكم عليه(١).
  ومما يدل على معرفة بني مروان مذهبه ما حكاه أبو مروان عبد اللّه بن بدرون الأندلسي في «شرح قصيدة ابن عبدون البسامة» قال: لمّا أراد عبد الملك الخروج إلى قتال مصعب بن الزبير تعلّقت به زوجته عاتكة بنت يزيد بن معاوية وبكت حتى بكى لبكائها حشمها، فقال: قاتل اللّه كثيرا كأنه كان يرى مكاننا حيث قال:
  إذا ما أراد الغزو لم تثن عزمه ... حصان عليها نظم درّ يزينها(٢)
  نهته فلمّا لم تر النّهي عاقه ... بكت فبكى ممّا شجاها قطينها(٣)
  ثم خرج وكثيّر في موكبه، فقال: يا أبا جمعة ذكرتك الساعة ببيتين من شعرك فإن أصبتهما فلك حكمك، قال: نعم أردت الخروج فبكت عاتكة وبكى حشمها فذكرت قولي البيتين: فأعطاه حكمه.
  ثمّ نظر عبد الملك إليه يسير في عرض الناس فقال: عليّ بأبي جمعة فجيئ به، فقال: إن عرفتك بفكرك فيما هو حكمتني، قال: نعم، قال: قلت في نفسك أنا في شرّ حال خرجت مع رجل من أهل النار ليس على نحلتي، وربّما أصابني سهم فأموت لغير معنى، قال: واللّه يا أمير المؤمنين ما أخطأت ما في نفسي فاحتكم، قال: حكمي أن آمر لك بعشرة آلاف درهم وأردك إلى منزلك ففعل به ذلك.
(١) الأغاني ٩/ ٩.
(٢) الحصان: المرأة العفيفة؛ والقصة المتصلة بهذا البيت والذي يليه مشهورة، وإذا صحّت هذه القصة دلّت على أن القصيدة قبل سنة ٧٠ وهو العام الذي خرج فيه عبد الملك لقتال مصعب؛ أو على الأقل قبل خروج عبد الملك في ذلك العام نفسه. ومثله للحطيئة:
إذا همّ بالأعداء لم يثن همّه ... كعاب عليها لؤلؤ وشنوف
(٣) الحماسة البصرية؟، معجم الأدباء ٢/ ٢٦٧، الأمالي ١/ ١٣، الأغاني ٩/ ٢٩، وفيات الأعيان ٣/ ١٠٨، ابن سلام ٤٦٠، دّرة الغوّاص ٤٧، عيار الشعر ٨٦، العقد الفريد ٤/ ٤٠٧، حياة الحيوان ١/ ٢٦٧، المعاني الكبير ٨٩٧، الموازنة ١/ ٦١، كاملة في ديوانه ٢٤١ - ٢٤٣.