[137] أبو صخر كثير بن عبد الرحمن بن الأسود بن
  وقال أبو عليّ القالي في أماليه، قيل لكثيّر أنت أشعر أم جميل؟ قال: بل أنا، فقيل له: إنّما أنت راوية جميل، قال: وكيف وجميل الذي يقول:
  رمى اللّه في عيني بثينة بالقذى ... وفي العزّ من أنيابها بالفوادح(١)
  وأنا الذي أقول:
  هنيئا مريئا غير داء مخامر ... لعزّة من أعراضنا ما استحلّت(٢)
  وو اللّه ما قاربت إلّا تباعدت ... بصرم ولا أكثرت إلّا أقلّت
  فإن تكن العتبى فأهلا ومرحبا ... وحقّت لها العتبى لدينا وقلّت(٣)
  وإن تكن الأخرى فإنّ وراءنا ... منادح لو سارت بها العيس كلّت(٤)
  أسيئي بنا أو أحسني لا ملومة ... لدينا ولا مقليّة إن تقلّت(٥)
  ولكن أنيلي واذكري من مودّة ... لنا خلّة كانت لديكم فضلّت(٦)
  وإنّي وإن صدّت لمثن وصادق ... عليها بما كانت إلينا أزلّت(٧)
  فما أنا بالدّاعي لعزّة بالردى ... ولا شامت إن نعل عزّة زلّت(٨)
(١) ديوان جميل بثينة.
(٢) هنيئا مريئا قدر فيه النصب: «ثبت لك هنيئا» فيكون منصوبا على الحال، ويجوز أن تقدر تعيش عيشا هنيئا فيكون صفة لمصدر محذوف. مخامر: مخالط. والعبارة هنيئا مريئا لعزة ما استحلته من أعراضنا - إلا أن يكون داء مخامرا - (أنظر الخزانة ٣: ٩٤ والسمط: ٧٣٥).
(٣) العتبى: الرضى؛ قال أبو علي: والعتبى الاعتاب، يقال عاتبني فأعتبته إذا نزعت عما عاتبك عليه، وقلت: أي هو يستقل الرضى في جانبها.
(٤) الأخرى: ما عدا العتبى؛ والمنادح: المفاوز والسباسب، مفرده مندوحة وهي الأرض الواسعة البعيدة، وورد: مناوح ولا أراه إلا تصحيفا؛ والعيس: الإبل البيض؛ كلت: أعيت وتعبت من السير.
(٥) اسيئي بنا: قال ابن سيده (المحكم ٣: ١٤٤): لفظه لفظ الأمر ومعناه الشرط، لأنه لم يأمرها بالإساءة ولكن أعلمها أنها إن أساءت أو أحسنت فهو على عهدها ... ومعنى قوله أسيئي بنا:
قولي ما أسوأه، ما أقبحه، أو قولي ما أحسنه، وفي البيت التفات من الخطاب أي الغيبة في (تقلت)؛ وأصله «تقليت» وفي رواية «وأسماء لا مشنوعة بملالة».
(٦) الخلة: المودة والصداقة؛ فضلت: نسيت ومطلت، ومن رواه فطلت فمعناه هدرت وذهبت باطلا.
(٧) أزل إليه نعمة: أسداها؛ وقال أبو علي: أزلت: اصطنعت؛ قال الجواليقي في شرح البيت:
يقول: أنا معترف بما أحسنت إليّ واصطنعته عندي من الجميل لا أكفره وإن أعرضت عني وهجرتني؛ وقد اعترض الشرط بين اسم إن وخبرها فسد مسدّ الجواب.
(٨) زلّت به النعل: كناية عن العثار والخطأ؛ والردى: الهلاك، ومعناه المرض الدخيل أو السل.