[137] أبو صخر كثير بن عبد الرحمن بن الأسود بن
  فلا تحسب الواشون أنّ صبابتي ... بعزّة كانت غمرة فتجلّت(١)
  فو اللّه ثمّ اللّه ما حلّ قبلها ... ولا بعدها من خلّة حيث حلّت
  ولا مرّ من يوم عليّ كيومها ... وإن عظمت أيام أخرى وجلّت(٢)
  وأضحت بأعلى شاهق من فؤاده ... فلا القلب يسلاها ولا العين ملّت(٣)
  فيا عجبا للقلب كيف اعترافه ... وللنّفس لمّا وطّنت ذلّت(٤)
  وإنّي وتهيامي بعزّة بعد ما ... تخلّيت ممّا بيننا وتخلّت(٥)
  لكا لمرتجي ظلّ الغمامة كلّما ... تبوّأ منها للمقيل اضمحلّت(٦)
  كأنّي وإياها سحابة ممحل ... رجاها فلمّا جاوزته استهلّت(٧)
  كأنّي أنادي صخرة حين أعرضت ... من الشّمّ لو تمشي بها العصم زلّت(٨)
  صفوج فما تلقاك إلا بخيلة ... فمن ملّ منها ذلك الوصل ملّت(٩)
(١) الواشون: الماشون بالنميمة؛ الغمرة: شدة الشيء.
(٢) أخرى: يعني امرأة أخرى.
(٣) يسلاها: ينساها ويطيب نفسا عنها؛ وقد ورد البيت عند السيوطي وشرح شواهد الكشاف:
وللعين أسراب إذا ما ذكرتها ... وللقلب وسواس إذا العين ملّت
وقد ورد كذلك عند القالي (١: ٦٥) ونسب هذا البيت للمجنون (مصارع العشاق ٢: ٩١).
(٤) اعترافه: قال أبو علي: اعترافه: اصطباره؛ يقال نزلت به مصيبة فوجد عروفا أي صبورا، والعارف: الصابر.
(٥) التهيام - بفتح أوله - مصدر للمبالغة من الهيام؛ تخليت: تركت؛ وخبر إن في البيت التالي. قال ابن جني: «وسألته (يعني أبا علي الفارسي) عن بيت كثير «وإنّي وتهيامي ...» فأجاز أن يكون قوله وتهيامي جملة من مبتدأ وخبر اعترض بها بين اسم إن وخبرها الذي هو قوله: لكالمرتجي ظل الغمامة ... فقلت له: أيجوز أن يكون وتهيامي بعزة قسما؟ فأجاز ذلك ولم يدفعه».
(٦) لكالمرتجي: خبر إن في البيت السابق؛ تبوأ: أقام في المكان؛ وفي رواية «الغياية» وهي ظل السحابة، ولغة الكلابيين: امضحلت بدلا من اضمحلت.
(٧) سحابة ممحل: سحابة بلد ممحل أي مجدب؛ استهلت: بدأت إرسال المطر، شبه نفسه بالبلد الممحل وصاحبته بالسحابة.
(٨) أعرضت: صدّت، الشمّ: جمع شمّاء وهو المرتفع من الجبال الصخرية العصم: جمع أعصم، وعصماء، وهو من الوعول ما في ذراعيه بياض، والعصم تحسن السير والقفز فوق الصخور، أما هذه الصخرة التي يصفها فإن العصم تزلّ عليها، فهي شديدة الملاسة والارتفاع ومن ثمّ فهي شديدة الصلابة.
(٩) الأمالي للقالي ١/ ٦٥، الأغاني ٩/ ٣٨، خزانة الأدب ٢/ ٣٧٩ - ٣٨١، زهر الآداب ٣٥٤، كاملة في ديوانه ٩٥ - ١٠٣.