[140] القاضي أبو علي المحسن بن أبي القاسم علي
  خرجوا ليستسقوا وقد نجمت ... غربية قمن بها السّحّ
  حتى إذا اصطفوا لدعوتهم ... وبدا لأعينهم بها رشح
  كشف السحاب إجابة لهم ... فكأنهم خرجوا ليستصحوا(١)
  ومن الظريف فيما يتعلق بهذه المادة ما روي: أن رجلا عادته الأرض ثمّ سرت عداوته إلى السماء فكانت تراقبه مراقبة العذول للمحبّ فإذا عصر ثوبه ونشره ليجفّ نشرت أردية غمائمها وعصرتها بأيدي الرياح، وزجرتها بسوط البروق ولم يكن إلّا قميص واحد إذا غسله لبس البيت، وغيّمت السماء وبكت فرأى الناس منصرفين من الاستسقاء وقد أجيب دعاؤهم لمّا دعى قميصة بقلب ممزّق فقال:
  غدا الناس يستسقون من كل وجهة ... بكلّ كريم للدعاء مجاب
  فوافاهم الغيث الذي سمحت به ... يد المزن هطّالا بكلّ سحاب
  وفي ظنّهم أن قد أجيب دعاؤهم ... وما علموا أنّي غسلت ثيابي
  وكتب القاضي أبو علي إلى بعض الرؤساء في شهر رمضان [من الخفيف]:
  نلت في ذا الصيام ما تشتهيه ... وكفاك الإله ما تّتقيه
  أنت في الناس مثل شهرك في الأش ... هر لا بل مثل ليلة العيد فيه(٢)
  وقد مضى أن القاضي أبا علي مسخ قول الدارمي «قل للمليحة في الخمار الأسود».
  رأيت [أن] أذكر هنا شيئا من خبره ونسبه.
  وهو مسكين بن سويد بن زيد الدارمي التميمي(٣) وكان جدّه زيد قتل أسعد
(١) وفيات الأعيان ٤/ ١٦٠ وفيه: أنه أبو الحسين، سليمان بن محمد بن الطراوة النحوي الأندلسي المالقي.
(٢) يتيمة الدهر ٢/ ٣٤٦، وفيات الأعيان ٤/ ١٦١.
(٣) هو ربيعة بن عامر بن أنيف الدارمي التميمي، ومسكين لقبه، كان شاعرا مطبوعا، وسيدا من سادات قومه. وكان له الأثر الكبير في ترشيح يزيد بن معاوية للخلافة، وذلك عندما انشد قصيدة في جمع حافل بالأعيان جاء فيها:
إذا المنبر الغربي خلّاه ربه ... فإن أمير المؤمنين يزيد
فقال له معاوية: سننظر فيما قلت يا مسكين، ثم انهالت عليه الصلات من معاوية ومن يزيد. =