[140] القاضي أبو علي المحسن بن أبي القاسم علي
  ابن عمرو بن هذيم ثم هرب هو وذووه إلى مكّة فحالفوا بني نوفل بن عبد مناف، وكان مسكين في أيام عمر بن عبد العزيز، وله أشعار ونوادر وأصوات في الغناء وسبب نظمه أبياته التي أوّلها:
  «قل للمليحة في الخمار الأسود»
  إنّ تاجرا من أهل الكوفة قدم المدينة بخمر، فباعها إلا السّود منها فإنها كسدت، وكان صديقا للدارمي وقد نسك وترك قول الشعر فشكى التاجر إليه، فقال: لا تهتم فإنّي سأنفقها لك أجمع، ثم قال:
  قل للمليحة في الخمار الأسود ... ماذا أردت بناسك متعبّد
  قد كان شمّر للصلاة ثيابه ... حتى وقفت له بباب المسجد(١)
  ردّي عليه وقاره وفؤاده ... لا تقتليه بحق آل محمّد
  وغنّى فيها، وشاع في الناس أن الدارمي فتك وعاود الصبابة بسبب ذات خمار أسود فلم يبق بالمدينة ظريفة إلّا ابتاعت خمارا أسود، وباع التاجر ما معه بأضعاف ثمنه ثم أعلم مسكينا فعاد إلى نسكه.
  فقال أبو الفرج: كان مغنّيات مكة لا يطيب لهنّ نزهة إلّا بالدارمي، فاجتمع منهنّ عدّة في متنزّه وفيهن صديقة له، وكل واحدة قد أوعدت هويّا لها وهو معهنّ، فقلن: كيف لنا أن نخلو مع هؤلاء دون الدارمي؟ فإنّا إن فعلنا فضحنا، قالت صاحبته: أنا أكفيكنّ إيّاه وعلى أن ينصرف حامدا وكان أبخل الناس،
= ولما مات زياد رثاه بقصيدة جاء فيها:
رأيت زيادة الاسلام ولّت ... جهارا حين ودّعنا زياد
فعارضه الفرزدق بقوله:
أمسكين أبكى اللّه عينيك إنما ... جرى في ضلال دمعها فتحدرا
بكيت على علج بميسان كافر ... ككسرى على عدانه أو كقيصرا
وعلى هذا تهاجيا زمنا ثم تكافا. توفي سنة ٩٠ هـ.
ترجمته في: الأغاني ٢٠/ ٢٢٠ - ٢٣٠، سمط اللآلي ١٨٦، تأريخ آداب اللغة العربية لزيدان ١/ ٢٨١، معجم الأدباء ١١/ ١٢٦، الشعر والشعراء ٤٥٥، أنوار الربيع ٤ / هـ ١١٠ - ١١١.
(١) وفيات الأعيان ٤/ ١٦١.