[142] أبو القاسم ويلقب أيضا أبا الحسن محمد بن
  غمائم في نواحي الجوّ عاكفة ... جعد تحدّر منها وابل سبط(١)
  أهدى الربيع إلينا روضة أنفا ... كما تنفّس عن كافوره السّفط(٢)
  كأنّ هتّانها في كلّ ناحية ... مدّ من البحر يعلو ثم ينهبط(٣)
  والبرق يظهر في لألاء طلعته ... قاض من المزن في أحكامه سلط
  وللجديدين من طول ومن قصر ... حبلان منقبض عنّا ومنبسط(٤)
  والأرض تبسط في خدّ الثرى ورقا ... كما تنشّر في حافاتها البسط
  والرّيح تبعث أنفاسا معطّرة ... مثل العبير بماء الورد تختلط
  كأنّما هي أنفاس المعزّ سرت ... لا شبهة في النّدى منها ولا غلط
  أنّى فلو كانت الأنواء تشبهه ... ما مرّ بؤس على الدّنّيا ولا قنط(٥)
  شقّ الزمان لنا من نور طلعته ... من دولة ما بها وهن ولا سقط
  حتى تسلطن منه في الورى ملك ... رنّت بدولته الأملاك والسّلط(٦)
  يختطّ فوق النّجوم الزّهر منزلة ... لم تدن منها ولم تقرن بها الخطط(٧)
  إمام عدّل وفى في كلّ ناحية ... كما قضوا في الإمام العدل واشترطوا
  قد بان في الفضل عن ماض ومؤتنف ... كالعقد عن طرفيه يفضل الوسط(٨)
  ما يغتدي فرحا بالمال يكسبه ... ولا يبيت بدنيا وهو مغتبط
  لكنّه ضدّ ما ظنّ الحسود به ... وفوق ما ينتهي غال ومشترط(٩)
  يزري بفيض بحار الأرض لو جمعت ... تيار راحته المغلول والخمط(١٠)
(١) الجعد: الكثيف المتراكم من السحاب، كأنه الشعر المجعد في تقبضه والتوائه. السبط: السهل المسترسل من الشعر، والمطر الغزير، وفي البيت طباق.
(٢) روضة أنف: أي لم ترعها الدواب. السفط: وعاء كالقفة، وما يعبأ فيه الطيب.
(٣) الهتان: المطر.
(٤) الجديدان: الليل والنهار.
(٥) القنط: القنوط، اليأس.
(٦) السلط، الواحدة سلطة: القدرة والملك.
(٧) يختط: يرسم لنفسه دارا ويجعل لها حدودا. الخطط، الواحدة خطة: الأرض التي يختطها الرجل لنفسه.
(٨) المؤتنف: المأخوذ فيه، المبتدأ به.
(٩) الغالي: أراد به المغالي في مدحه. المنبسط: أي المتبسط فيه، المتوسع به.
(١٠) يزري: يعيب. المغلولب: الملتف، تشبيها بالروضة الملتفة العشب. الخمط: البحر تلتطم أمواجه.