[4] أبو إسحاق، إبراهيم بن علي بن سلمة بن هرمة
  له على تقصير في حق، وأنا أقسم باللّه لئن أتيت بك سكرانا لأضربنّك حدّ الخمر ولأزيدنّ لموضع حرمتك بي، فليكن تركك لها للّه تعن عليها، ولا تدعها للناس، فتوكّل إليهم، فنهض ابن هرمة وهو يقول:
  نهاني ابن الرسول عن المدام ... وأدّبني بآداب الكرام
  وقال لي: اصطبر عنها ودعها ... لخوف اللّه لا خوف الأنام
  وكيف تصبّري عنها وحسبي ... لها حب تمكّن في عظامي
  أرى طيب الحلال عليّ خبثا ... وطيب العيش في حب الحرام(١)
  قلت: ذكر الحكاية صاحب الجليس الممتع، وأنا أقول: إن الحسن لا يجسر أن يعرض بذم المنصور وهو عامله، ثم إن المنصور سخط على أبي محمد الحسن وسجنه ببغداد حتى توفي في السجن، وكان شيخا جليلا يوالي المنصور، ولما تولّى الخلافة المهدي ردّ لأولاد الحسن ضياعهم وأموالهم التي كان المنصور أخذها، والحسن هو والد السيدة نفيسة(٢)، الجليلة الصالحة، صاحبة المشهد المشهور بمصر.
  وقال النقيب الشريف النسّابة شرف الدين أبو علي محمد بن أسعد الجوّاني
(١) ديوان ابن هرمة.
(٢) نفيسة بنت الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب: صاحبة المشهد المعروف بمصر، تقية صالحة، عالمة بالتفسير والحديث، ولدت بمكة سنة ١٤٥ هـ، ونشأت في المدينة، وتزوجت إسحاق المؤتمن بن جعفر الصادق. وانتقلت إلى القاهرة فتوفيت فيها سنة ٢٠٨ هـ. حجت ثلاثين حجة، وكانت تحفظ القرآن. وسمع عليها الإمام الشافعي، ولما مات أدخلت جنازته إلى دارها وصلت عليه، وكان العلماء يزورونها ويأخذون عنها، وهي أمية، ولكنها سمعت كثيرا من الحديث. وللمصريين فيها اعتقاد عظيم. قال الذهبي: ولي أبوها إمرة المدينة للمنصور، ثم حبسه دهرا. ودخلت هي مصر مع زوجها.
ترجمتها في:
فوات الوفيات ٢: ٦٠٧ ووفيات الأعيان ٥: ٤٢٣ - ٤٢٤، الخطط المقريزية ٣/ ٣٤١ وخطط مبارك ٥: ١٣٥ وغربال الزمان - خ. والدر المنثور ٥٢١ والمناوي ٢٧١ وفي أنس الزائرين - خ.
قال القضاعي: «حفرت السيدة قبرها بيدها في البيت الذي هي به الآن، لم يختلف فيه أحد من أهل التاريخ المشهورين، وقول من قال إنها بالمراغة، جهل منه، وإنما الذي بذلك المكان السيدة نفيسة عمة السيدة المذكورة أخت أبيها الحسن، فإنها دخلت مصر قبلها وماتت ودفنت بهذا المكان من المراغة بالقرب من باب القرافة مما يلي جامع ابن طولون»، والعبر للذهبي ١:
٣٥٥، الاعلام ط ٤/ ٨ / ٤٤.