نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[151] الشريف أبو عبد الله محمد بن صالح

صفحة 102 - الجزء 3

  رأيت أن تدعو إليّ الشريف المتولّي أمر هذا الجيش فإن له عندي حاجة.

  فقلت: قد رأيته وسمعت كلامه.

  فقالت لي: سألتك باللّه وبحق رسوله أنت هو؟

  قلت: نعم واللّه وحق رسوله ÷ هو.

  قالت: أنا حمدونة بنت عيسى بن موسى بن أبي خالد الحربي⁣(⁣١)، ولأبي محل من سلطانه، ولنا نعمة إن كنت سمعت بها فقد كفاك، وإن كنت لم تسمع بها فاسأل بها غيري، وو اللّه لا استأثرت عليك بشيء أملكه، ولك بذلك عهد اللّه وميثاقه، وما أسألك إلا أن تصونني وتسترني، وهذه ألف دينار لنفقتي خذها حلالا، وهذا حليّ عليّ بخمسمائة دينار فخذه وأتضمن لك بعد ذلك ما شئت على حكمك، آخذه لك من تجّار مكة والمدينة، ومن أهل الموسم العراقيين؛ فليس منهم أحد يمنعني شيئا أريده فادفع عنّي واحمني من أصحابك ومن عار يلحقني.

  فوقع قولها في قلبي موقعا عظيما فقلت لها: قد وهبت لك مالك وجاهك وحالك، ووهبت لك القافلة بجميع ما فيها.

  ثم خرجت وناديت في أصحابي فاجتمعوا إليّ، فناديت فيهم إني قد أجرت هذه القافلة وأهلها وخفرتها وحميتها، وجعلت لها ذمّة اللّه وذمة رسوله وذمّتي، فمن أخذ منها خيطا أو مخيطا أو عقالا فقد آذنته بحرب. فانصرفوا معي وانصرفت، وسار أهل القافلة سالمين.

  فلما أخذت وحبست، بينا أنا ذات يوم في محبسي إذ جاءني السجان فقال لي: إن بالباب امرأتين تزعمان أنهما من أهلك، وقد حضر عليّ أن يدخل عليك أحد، إلا أنهما قد أعطياني دملج ذهب، إن أوصلتهما إليك، وقد أذنت لهما وهما في الدهليز، فأخرج إليهما إن شئت.

  فتذكرت من يجيئني في بلد غربة وفي حبس وحيث لا يعرفني أحد، ثم تفكرت فقلت: لعلهما من ولد أبي أو من نساء بعض أهلي، فخرجت إليهما،


(١) في الأغاني: «الحري».