[157] الشيخ الحكيم محمد صالح الجيلاني الفارسي
  حضرته، وأحسن إليه ورغّبه في المقام باليمن، وأجرى له النفقات، وأمر فاشتريت له دار في صنعاء بخمسمائة قرش، وخدم الخلفاء والأمراء من آل المنصور باللّه ونال معهم الرغائب، وانتفع به الناس، وكان لطيف الخلق كثير الدعاب محبوبا.
  وحدّثني القاضي بدر الدين محمد بن ناصر بن محمد بن عبد الحق، وكان فاضلا في الفقه والحساب وينظم الشعر وهو شقيق القاضي أبي محمد أحمد بن ناصر: أن السيد الأمير العظيم أبا يحيى محمد بن الحسن بن الإمام المنصور اشتكى صداعا كان يلازمه فاستدعى الحكيم المذكور، فكان خاليا ليس عنده إلّا خصيّ، فأمر الحكيم الخصيّ أن يغمس قدمي سيّده في الماء الحار ويدلكهما ويجتهد في ذلك، فبالغ الخصيّ في الدلك حتى تعب، والحكيم يتقاضاه الدلك المتتابع، فضجر الخصيّ، وقال للحكيم: إن مولاي يشتكي رأسه فما معنى دلك رجليه، فقال الحكيم: أنت قطّعوا خصيتيك فما معنى عدم لحيتك، فضحك الأمير أبو يحيى ضحكا كثيرا خارجا عن العادة حتى رشح جبينه، فقام الحكيم فهنّأه بالعافية وعوفي في حينه، وخلع عليه وعلى الخصيّ وأجازه.
  وله أمثال هذه.
  وسمعت أن بعض نساء الأغنياء كانت حاملا فلما أثقلت أصبحت في بعض الأيام ميتة لا حراك بها ولم يكن ظهر بها مرض، فاستدعى أهلها جماعة من المتطببة، فلما رأوها قضوا بموتها فجأة، فلم تطب نفوس أهلها بدفنها دون أن ينظر إليها الحكيم المذكور، فلمّا رآها قال لوالدها: إن بذلت لي مائة قرش رأيتها الساعة في عافية، فالتزم والدها بمطلوبه، فحبس فؤادها ثم أخرج إبرة معه فجعل ينقش بها على فؤادها برفق، فأفاقت في عافية فسرّ بها أهلها، ثم سألوه عن سبب العلّة فقال: أنّ الجنين قبض بيده على الشريان الذي ينفذ فيه النفس من الرئة، فلمّا أحسّ بالإبرة أرسل يده فذهب المانع.
  لكنّي رأيت هذه الواقعة بعينها في كتاب «الشقائق النعمانية».
  وذكر مؤلّفه أنها اتفقت للحكيم يعقوب الإسرائيلي مع بعض نساء الروم ويجوز وقوعها لهما جميعا(١).
(١) البدر الطالع ٢/ ١٧٥.