[161] أبو عبد الله محمد بن جعفر التميمي
  وله في المديح:
  ولنا من أبي الربيع ربيع ... ترتعيه هوامل الآمال
  أبدا يذكر العدات وينسى ... ما له عندنا من الإفضال(١)
  وهذا الكريم ممّا خصّ به هذا الإمام الفاضل.
  وتوفي بمدينة القيروان سنة اثنتي عشرة وأربعمائة.
  وقد مضى تعريف القيروان وأنها في اللغة المعسكر.
  وكان الإمام المذكور إسماعيليا، وأشرنا إلى الكسائي وسيبويه في سجع الترجمة فلنشرح قضيّتهما وهي:
  ما ذكر في طبقات النحاة: أن الكسائي كان يروي عن العرب كنت أظن الزنبور أشدّ لسعة من النحلة فإذا هو إيّاها، يأتي بالضمير المنفصل منصوبا، وسيبويه يحكي عنهم فإذا هو هي، فتناظرا عند الوزير يحيى بن خالد البرمكي فلم يرجع الكسائي عن دعواه، ولم يسلّم له سيبويه.
  وكان الكسائي يعلّم الأمين بن هارون الرشيد الأدب، وكان الرشيد جعل يحيى بن خالد مربّيا له، فأجمعوا أن يحضروا عربيّا محضا ثمّ يعقدوا مجلسا يحضره الأمين والوزير والامامان، ثم أنّهم يسألون العربيّ فبأيّ اللغتين نطق فهو الحق، فأحضر الأعرابي إلى الوزير فانفرد به وسأله المسألة فأجاب بلغة سيبويه، فألزمه الوزير متى حضروا وسئل أن يجيب بما قال الكسائي، فقال: ان لساني لا يطاوعني على اللحن فاتفقوا، أنه متى عقد المجلس أن يقوم رجل فيقول قال سيبويه: كذا وقال الكسائي: كذا، فمن المصيب منهما؟ فيقول العربي: ألحقّ مع الكسائي، ووعده الوزير بالجائزة فلما عقد المجلس وقد حضر أهل الأدب، قام الرجل فقال: قال الكسائي كذا وقال سيبويه كذا فمن المصيب؟ فقال الأعرابي:
  الحق قول الكسائي ولا تعرف العرب قول سيبويه، فخجل سيبويه واستعلى عليه الكسائي، وتفرّق الجمع وحمّ سيبويه من ساعته ثمّ خرج من بغداد إلى فارس وهي منشؤه فمات بها كمدا.
(١) وفيات الأعيان ٤/ ٣٧٦.
(٢) وفيات الأعيان ٤/ ٣٧٦.