نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[164] أبو الفضل محمد بن أبي عبد الله الحسين

صفحة 158 - الجزء 3

  عين الكمال أحيانا، فإنّ الثعالبي ذكر أن عبد العزيز ابن نباتة السعدي الشاعر المشهور ورد إليه بالريّ ومدحه بقصيدة جيدة مطلعها [من مجزوء الكامل]:

  برح اشتياق وادّكار ... ولهيب أنفاس حرار

  ومدامع عبراتها ... ترفضّ عن نوم مطار

  للّه قلبي ما يج ... نّ من الهموم وما يواري

  وكبرت عن وصل الصّغا ... ر وما سلوت عن الصغار

  سقيا لتغليسي على ... باب الرّصافة وابتكاري

  حجّي إلى نهر الصّرا ... وإلى حدائقها اعتماري

  ومواطن اللذات أو ... طاني ودار اللّهو داري

  لم يبق لي عيش هنا ... ك سوى معاقرة العقار

  حسبي بألحان قمر ... ن بهنّ ألحان القماري

  وإذا استهل ابن العمي ... د تضاءلت ديم القطار

  خرق صفت أخلاقه ... صفو السبيك من النضار

  وكأن نشر حديثه ... نشر الخزامى والعرار

  وكأننا مما تفرّ ... ق راحتاه في نثار

  كلف بحفظ السر تح ... سب صدره ليل السّرار⁣(⁣١)

  فتأخّرت صلته فشفعها بأخرى فلم يزده على الإهمال مع رقة حاله، فتوصّل إلى أن دخل عليه في مجلس حفل بمقدّمي الدولة فوقف بين يديه وأشار بيده إليه، فقال: أيّها الرئيس، إنّي لزمتك لزوم الظلّ، وذلّلت لك ذلّ النعم، وأكلت النوى المحرّق انتظارا لصلتك، واللّه ما بي الحرمان، ولكن شماتة الأعداء، قوم نصحوني فاغتششتهم، وصدقوني فاتهمتهم، فبأيّ وجه ألقاهم، وبأيّ حجة أقاومهم؟ ولم أحصل من مديح بعد مديح، ومن نثر بعد نظم، إلّا على ندم مؤلم، ويأس مسقم؟ فإن كان للنجاح علامة فأين هي وما هي؟ إلّا أن الذين تجدهم على ما مدحوا به كانوا من طينتك، وأن الذين هجوا كانوا مثلك، فزاحم


(١) وفيات الأعيان ٤/ ١٠٥ - ١٠٦، كاملة في مثالب الوزيرين ٢٨٢، العقد المفصل ١/ ١٤٤، الفلاكة والمفلوكون ١٢٧، شذرات الذهب ٣/ ٣١، كاملة في ديوان ابن نباتة السعدي ٢/ ٥٩٩ - ٦٠٤.