[165] أبو الفتح، محمد بن عبيد الله بن عبد
  حتّام أرضى في هواك وتغضب ... وإلى متى تجني عليّ وتعتب(١)
  ومنها:
  ما خلت أن جديد أيّام الصّبا ... يبلى ولا ثوب الشّبيبة يسلب
  حتّى انجلى ليل الغواية واهتدى ... ساري الدّجى وانجاب ذاك الغيهب
  وتنافر البيض الحسان فأعرضت ... عنّي سعاد وأنكرتني زينب
  قالت وريعت من بياض مفارقي ... وشحوب جسمي بان منك الأطيب
  إن تنكري سقمي فخصرك ناحل ... أو تنكري شيبي فثغرك أشنب
  قال ابن خلكان في تاريخه، بعد إيراد هذا البيت: أنّه ظنّ بقوله: «وثغرك أشنب» أن الشنب البياض وليس كما ظنّ فإنه حدة الأسنان وهو دليل الحداثة وهو معنى البيت مأخوذ من قول النابعة:
  ولا عيب فيهم غير أنّ سيوفهم ... بهنّ فلول من قراع الكتائب(٢)
  وفي معناه قول بهاء الدين زهير:
  ما فيه من عيب سوى ... فتور عينيه فقط
  قلت أنا: والنابغة استمده من قول الأوّل:
  ومهمي بك من عيني فإنّي ... جبان الكلب مهزول الفصيل
  وهذا المأخذ خفيّ لا يكاد يظهر لغير ابن خلكان لعنايته بالأدب وملكته فيه، وذلك أن أبا الفتح ذكر أن محبوبته عيّرته بالشيب الذي لا تغطّيه عين الشمس من وجهها، فعيّرها بما هو من محاسنها وهو ذاهل لسكره منه، وأظهر أنه عيب يقابل عيب شبيه المكروه مقابلة الضدّين، كما أنّ النابغة صدر غاية المدح، بذكر العيب ليتقبّض السامع ويترقّب ذكر هذا العيب الممتزج بسلاف المديح، ولما أكمل البيت جاء بالسحر الحلال.
  وكان عروة بن الزبير الفقيه وفد على عبد الملك بن مروان بعد قتل أخيه عبد اللّه بن الزبير فقال لعبد الملك: أريد سيف أخي، فقال عبد الملك: أنّه في
(١) وفيات الأعيان ٧/ ٢٠٩ - ٢١٠، ديوانه ٢٢ - ٢٣.
(٢) وفيات الأعيان ٧/ ٢١٠.