[167] الخليفة المنتصر بالله، أبو القاسم، محمد
  قرابتكم بل أشقّاؤكم، ... وإخوتكم دون هذا البشر
  ومن هم وأنتم يدا نصرة، ... وحدّا حسام، قديم الأثر
  يشاد بتقديمكم في الكتاب، ... وتتلى فضائلكم في السّور
  وإنّ عليّا لأولى بكم، ... وأزكى يدا عندكم من عمر
  وكلّ له فضله والحجول ... يوم التّفاضل، دون الغرر
  بقيت إمام الهدى للهدى، ... تجدّد من نهجه ما دثر(١)
  فوصله وأجزل ولم يكن يصل الشعراء إلّا قليلا، واحتذى حذوه يزيد المهلبي وقد مرّت أبياته للمنتصر.
  وكان المتوكل ولي الخلافة بعد موت الإمام الواثق الآتي ذكره(٢) سنة ثمان وثلاثين ومائتين وأنشدت في تاريخ ملكه (فضل) الشاعرة المغنّية وكانت أهديت إليه فقال لها: أبكر أنت أم ثيّب؟ قال: كذا يقول من باعني واشتراني، فضحك ثم استنشدها فارتجلت:
  استقبل الملك إمام الهدى ... عام ثمان وثلاثينا(٣)
  خلافة أفضت إلى جعفر ... وهو ابن سبع بعد عشرينا
  إنا لنرجو يا إمام الهدى ... أن تملك الأمر ثمانينا
  لا قدّس اللّه امرءا لم يقل ... عند دعائي لك آمينا(٤)
  وقال أرباب التاريخ والأخبار: إن أبا إسحاق المعتصم باللّه استكثر من اتخاذ المماليك الأتراك حتى بلغ عددهم سبعين ألفا وكانوا فرسانا، وكان له ثمانية آلاف خصي، وكانوا يركضون خيلهم في شوارع بغداد فيصيبون صبيان الناس حتى ضجّ الخلق منهم إليه، وهمّوا بالدعاء عليه، فعمّر مدينته المشهورة وسمّاها سرّ من رأى وبينها وبين بغداد ثلاثة أيام، وانتقل إليها وسمّاها العسكر، وأسقط في أيامه ديوان العرب، وكتب إلى النواحي بإسقاطهم من الدواوين،
(١) ديوان البحتري ١/ ١١٤ - ١١٦.
(٢) ترجمه المؤلف برقم ١٨٥.
(٣) في الأغاني: «ثلاث وثلاثينا».
(٤) الأغاني ١٩/ ٣١٥.