نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[167] الخليفة المنتصر بالله، أبو القاسم، محمد

صفحة 190 - الجزء 3

  قال: وشرب المعتز يوما ويونس بن بغا يسقيه والجلساء والمغنّون بين يديه فدخل بغا فقال: يا مولاي والدة عبدك يونس في الموت، وهي تحبّ أن تراه فأذن له فخرج وفتر المعتز بعد ونعس، وقام الندماء وتفرقوا، إلى أن صلّيت المغرب وعاد المعتز إلى مجلسه ودخل يونس وبين يديه الشموع، فلما رآه المعتز دعا برطل فشربه، وسقا يونس رطلا، وغنّى المغنّون، وعاد المجلس إلى أحسن ما كان، فقال المعتز:

  تغيب فلا أفرح ... فليتك لا تبرح

  وإن جئت عذبتني ... بأنك لا تسمح

  فأصبح ما بين ذين ... لي كبد تجرح

  على ذاك يا سيدي ... دنوّك لي أصلح

  ثمّ قال: غنّوا فيه فجعلوا يفكرون، فقال المعتز لسليمان القصّار الطنبوري:

  ويلك ألحان الطنبور أخفّ وأملح، فغنى فيه لحنا فدفع إليه ماءتي دينار ودعى بالخلع والجوائز لسائر الجلساء، فكان ذلك المجلس من أحسن المجالس، وكان يونس أحسن خلق اللّه تعالى وجها وكذلك المعتز، وبويع بالخلافة وهو ابن سبع عشرة سنة، ومن شعره وله فيه لحن:

  ألا حيّ الحبيب فدته نفسي ... بكأس مدامة من خانقينا

  فإني قد بقيت مع الليالي ... أقاسي الهمّ في يده سنينا

  ثمّ هاجت الأتراك وشغبوا وطلبوه مالا عظيما فوعدهم، فركبوا بالسلاح وأحاطوا بالقصر وسحبوه برجله وضربوه بالدبابيس وأقاموه في صحن القصر في الشمس حافيا، والزمان صائف، فكان يراوح بين رجليه وهم يراودونه على خلع نفسه حتى أجاب، فأحضروا القاضي بن أبي الشوارب والعدول، فشهدوا أنه خلع نفسه وحبسوه، وبايعوا المهتدي ثم أدخلوا المعتز حمّاما وأغلقوا عليه بابه فلما كان يتلف من العطش سقوه ماء بثلج فسقط ميّتا، ثم صادر صالح بن وصيف التركي، أمّه قبيحة وكانت لفرط جمالها سمّاها المتوكل قبيحة خوفا من العين فأخذ منها صالح بأمر المهتدي من الذهب خمسمائة ألف ألف دينار ومكوكين لؤلؤا وكيلجة زمرذا أخضر ثمّ سيّرها إلى مكّة فسمعت تدعو عليه بصوت عال وتقول: اللّهم خذ لي من صالح بن وصيف فإنه قتل ابني وأخذ مالي وهتكني وغرّبني عن وطني وركب الفاحشة منّي.