[171] أبو سلمى، مطيع بن إياس الكناني الكوفي
  وابنا معصم(١) وعبد اللّه بن المقفّع، ووالبة بن الحباب أستاذ أبي نؤاس يتنادمون ولا يفترقون ولا يستأثر أحدهم دون صاحبه بشيء، وكأنهم نفس واحدة، والناس يتهمونهم بالزندقة(٢)، واللّه بهم أعلم.
  وحكى أبو الفرج عن علي بن قاسم الكوفي قال: كنت آلف مطيع بن إياس وأنادمه فعنّفني اخواني، وقالوا: إنّه زنديق، فأخبرته بذلك، فقال: وهل سمعت أو رأيت منّي شيئا يدلّ على ذلك؟ قلت: لا وإنّما أخبرتك بما يقال، ونمت ليلة في منزله ومطرنا في جوف الليل فصاح بي، وعلمت أنه يريد الإصطباح فتكاسلت ولم أجبه فلما ظنّ أني راقد جعل يردّد على نفسه شعرا له وهو [من الكامل]:
  أصبحت جمّ بلابل الصّدر ... عصرا أكاتمه إلى عصر(٣)
  إن بحت طلّ دمي، وإن تركت ... وقدت عليّ توقّد الجمر(٤)
  فقلت له: زعمت أن لست بزنديق وقد شهدت على نفسك بالزندقة، قال:
  وبم ذا؟ قلت: بقولك هذا، قال: كيف حفظت البيتين ولم تحفظ الثالث؟ قلت:
  لم أسمع منك ثالثا، قال: بلى إني قلت:
  ممّا جناه على أبي حسن(٥) ... عمر وصاحبه أبي بكر(٦)
  قلت: ربما يكون بسبب رميه بالزندقة هذا المعتقد كما قيل في أبي العلاء المعري(٧) والطغرائي(٨) وأمثالهما.
  وقال مطيع: قال لي حمّاد عجرد يوما: أتريد أن أريك صديقتي خشّة وهي المعروفة بظبية الوادي؟ قلت: نعم، قال: بشرط أن لا تفسد عليّ فإنك من
(١) الأغاني ١٣/ ٣٠٥.
(٢) كذا في الأصل.
(٣) الجّم: الكثير، بلابل الصدر: وساوس وشدّة الهموم.
(٤) طلّ دمي، بضم الطاء: أبيح.
(٥) أبو حسن: كنية الإمام علي بن أبي طالب #.
(٦) الأغاني ١٣/ ٣٢٠.
(٧) ترجمه المؤلف برقم ١٩.
(٨) ترجمه المؤلف برقم ٥٥.