[171] أبو سلمى، مطيع بن إياس الكناني الكوفي
  فأعجب يحيى ما سمع وهشّ له فقلت:
  فدعيه وواصلي ابن زياد ... جعلت نفسه الغداة فداك
  فقام إليّ بوسادة فما زال يجلد بها رأسي ويقول: ألهذا جئت بك، وأنا أغوث، والجارية تضحك(١).
  ومن جيّد المراثي، قوله يرثي يحيى بن زياد المذكور [من المنسرح]:
  يا أهلي بكوا لقلبي القرح ... وللدموع الذّوارف السّفح
  راحوا بيحيى ولو تطاوعني ال ... أقدار لم تبتكر ولم ترح
  يا خير من يحسن البكاء له ال ... يوم ومن كان أمس للمدح(٢)
  أعقبت حزنا من السرور كما ... أدلت مكروهنا من الفرح
  وقال له المنصور: أردت أن تعلّم ابني خلاعتك؟ فقال مطيع: وأيّ غاية من الفساد لم يبلغها ابنك؟ قال: ويحك وما ذاك؟ قال: زعم أنه عشق امرأة من الجنّ فهو مجتهد في خطبتها، وقد منّاه أهل العزايم والرقى فارتاع المنصور، وقال: اجتهد أن تردّه عن رأيه ولا يعلم أنك أخبرتني، ثم أصاب جعفر الصرع لشدة عشقه للجنيّة فقتله، فحزن عليه المنصور، وقال للربيع بعد دفنه: أنشدني شعر مطيع في ابن زياد، فأنشده هذه الأبيات فبكى، وقال: أحق به صاحب هذا القبر(٣).
  ومرّ مطيع بعقبة حلوان وبها نخلتان من عصر الأكاسرة فكتب على أحدهما [من الخفيف]:
  أسعداني يا نخلتي حلوان ... وارثيا لي من ريب هذا الزّمان
  واعلما أنّ ريبه لم يزل يفر ... ق بين الألّاف والخلّان
  واعلما إن بقيتما أنّ نحسا ... سوف يلقاكما فتفترقان(٤)
(١) الأغاني ١٣/ ٣١٠.
(٢) الأغاني ١٣/ ٣١٥.
(٣) الأغاني ١٣/ ٣١٤ - ٣١٥.
(٤) الأغاني ١٣/ ٣٥٦، ١٤/ ٣٥٩.