نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[174] أبو عبد الله منصور بن الزبرقان بن سلمة

صفحة 232 - الجزء 3

  مجرى مروان بن أبي حفصة إلا أنه لم يصرّح تصريحه، وكان من خوّاص البرامكة، وهم أوصلوه إلى الرشيد، فصادف يوم دخوله إليه نوبة مروان⁣(⁣١)، وكان مروان يقول قبل دخوله: هذا شامي وأنا يماني حجازي نجدي، أفتراه يكون أشعر منّي؟ ودخله من ذلك غمّ وحسد، واستنشد الرشيد منصورا فأنشده [من الوافر]:

  أمير المؤمنين، إليك خضنا ... غمار الموت من بلد شطير⁣(⁣٢)

  بخوص كالأهلّة خافقات ... تلين على السّرى وعلى الهجير⁣(⁣٣)

  حملن إليك أحمالا ثقالا ... ومثل السحر والدرّ النثير⁣(⁣٤)

  فقد وقفوا المديح بمنتهاه ... وغايته وصار إلى المصير

  إلى من لا تشير إلى سواه ... إذا ذكر النّدى كفّ المشير

  ومنها:

  يد لك من رقاب بني عليّ ... ومنّ ليس بالمنّ الصغير

  مننت على ابن عبد اللّه يحيى ... وكان من الهلاك على شفير⁣(⁣٥)

  فإن شكروا فقد أنعمت فيهم ... وإلّا فالنّدامة للكفور

  وإن قالوا بنو بنت فحقّ ... ولكن ما المناسب بالذّكور

  وما لبني بنات من تراث ... من الأعمام في ورق الزّبور

  قال مروان: وددت أنه أخذ جائزتي وسكت وأمر الرشيد مروان بالإنشاد فأنشد [من الكامل]:

  خلّوا الطريق لمعشر عاداتهم ... حطم المناكب كل يوم زحام


(١) يوم نوبة مروان: أي دوره في إلقاء الشعر. وهو أبو الهندام وقيل أبو السّمط مروان بن أبي حفصة، الشاعر المشهور. وهو من أهل اليمامة، قدم بغداد ومدح المهدي وهارون الرشيد. وكان يتقرب إلى الرشيد بهجاء العلويين. توفي ببغداد سنة ١٨١ هـ، وقيل سنة ١٨٢ هـ. ترجمته في:

تاريخ بغداد ١٣/ ١٤٢ - ١٤٥ والشعر والشعراء ٢/ ٦٤٩، ومعجم الشعراء ٣٩٦ - ٣٩٧، ووفيات الأعيان ٥/ ١٨٩ - ١٩٣.

(٢) الشطير: البعيد.

(٣) الخوص: ج خوصاء وهي الناقة لما في عينها من غؤور وصغر.

(٤) أراد شعرا جزلا هو الغاية في النفاسة.

(٥) شفير كل شيء: حرفه.