نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[174] أبو عبد الله منصور بن الزبرقان بن سلمة

صفحة 235 - الجزء 3

  فرمى الرشيد الخوان من بين يديه وقال: هذا واللّه أطيب من كلّ طعام ومن كل شيء، وأمر له بسبعة آلاف دينار، فلم يعطني منها، وشخص إلى رأس العين فأغضبني، فأنشدت الرشيد قوله [من المنسرح]:

  شاء من الناس راتع هامل ... يعلّلون النفس بالباطل

  الأبيات التي مرّ بعضها.

  فقال: أراه يحرّض عليّ إبعثوا إليه من يأتي برأسه، فكلّمه الفضل فلم يغن كلامه، وتوجه إليه الرسول، فوافاه في اليوم الذي مات فيه وقد دفن⁣(⁣١).

  ولقيه العتابي يوما، ومنصور مغموم، فقال له: مالك؟ قال: امرأتي عسر عليها الطلق وهي القيّمة بأمري، فقال العتابي: لم لا تكتب على فرجها «هارون الرشيد» فتلد على المقام، قال: ولم ذلك؟ قال لقولك فيه:

  إن أخلف القطر لم تخلف أنامله ... أو ضاق أمر ذكرناه فيتّسع⁣(⁣٢)

  فقال: يا كشحان واللّه لأبلغنها الرشيد، ففعل وغضب الرشيد على العتابي مدّة بسبب ذلك.

  وقال منصور: كنت واقفا على جسر بغداد أنا وعبيد اللّه بن هشام التغلبي، وقد وخطني الشيب، وهو حدث، فإذا بجارية ظريفة قد وقفت فجعلت أنظر إليها وهي تنظر إلى عبيد اللّه، فقلت [من البسيط]:

  لمّا رأيت سوام الشيب منتشرا ... في لمّتي وعبيد اللّه لم يشب⁣(⁣٣)

  سللت سهمين من عينيك فانتصلا ... على شبيبة ذي الأذيال والطرب

  كذا الغواني مراميهن قاصدة ... إلى الفروع معدّات من الخشب⁣(⁣٤)

  لا أنت أصبحت تعتدّينني أربا ... ولا وعيشك ما أصبحت من أربي⁣(⁣٥)


(١) الأغاني ١٣/ ١٦٧.

(٢) الأغاني ٣/ ١٦٥، زهر الآداب ٣/ ٧٠٣.

(٣) السوام: الإبل الراعية، وعنى به الشيب المتفرق في جوانب الرأس، واللّمة: الشعر المجاور شحمة الأذن.

(٤) القاصدة: المتجهة.

(٥) الأرب: الحاجة.