[180] أبو المقاتل، نصر بن نصير الحلواني
  قلت لا أستطيع مدح إمام ... كان جبريل خادما لأبيه
  ولم يخدمه جبريل # إلّا بالوحي الذي منه القرآن المتضمن لمدح آل النبيّ ÷.
  وقال أبو الفرج في الأغاني: أنّ عيينة بن حصين بن حذيفة بن بدر الفزاري قدم الكوفة وأقام بها أياما فزار عمرو بن معدي كرب، فلمّا دخل عليه قال عمرو: أنعم صباحا يا أبا مالك، فقال: أوليس قد أبدلنا اللّه من هذا السلام عليكم؟ فقال: دعنا مما لا نعرف، ثم أحضر له طعاما، وقال له: أيّ الشراب أحبّ إليك اللبن أم ما كنّا نتنادم عليه في الجاهلية؟ قال: أوليس قد حرّمت علينا في الإسلام؟ فقال: أنت أكبر سنّا أم أنا؟ قال: بل أنت، قال: فإنّي قد قرأت ما بين دفّتي المصحف فلم أجد في الخمر تحريما إنّما قال: فهل أنتم منتهون؟
  فقلنا: لا فسكت فسكتنا، فقال عيينة: أنت أكبر سنّا وأقدم إسلاما، فشرب معه إلى الليل وانصرف عيينة وهو يقول [من الطويل]:
  جزيت أبا ثور جزاء كرامة ... فنعم الفتى المزوار والمتضيّف
  قريت فأكرمت القرى وأفدتنا ... خبيئة علم لم تكن قبل تعرف
  وقلت: حلال أن ندير مدامة ... كلون انعقاق البرق واللّيل مسدف
  وقدّمت فينا حجّة عربيّة ... لودّ إلى الإنصاف من ليس ينصف
  وأنت لنا واللّه ذي العرش حجّة ... إذا صدّنا عن شربها المتكلف
  نقول: أبو ثور أحلّ حرامها ... وقول أبي ثور أشدّ وأنصف(١)
  أقول: ما أطول قرون أبي ثور حيث جهل أنّ الآية خرجت مخرج التهديد بدليل صدرها، وأجمع أهل الإسلام على تحريمها، وان خالف أبو حنيفة في المطبوخ من الزبيب والتمر ونحوه، وقال: إنّما الخمر ما غلي من ماء العنب وخالف القياس بالإسكار، وأغرب حيث قال: لأن يخرّ من السماء أهون عليه من شرب قطرة من هذا الحلال الصافي، نعم، خالف الجميع أبو ثور على أن الخمر حلّت بعد قتل عثمان عند كثير من الصحابة وأبنائهم، قال الوليد بن عقبة:
  معتّقة كانت قريش تعافها ... فلما استحلوا قتل عثمان حلّت
(١) الأغاني ١٥/ ٢١١ - ٢١٢.