نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[185] الخليفة الواثق بالله، أبو جعفر، هارون

صفحة 299 - الجزء 3

  لنا قلنا، قال: قولوا، فذكروا له القصّة ويمين صاحبهم، فقال: أما قوله: «ان التي عاطيتني فإنه يعني الخمر». وقوله: «قتلت» يعني مزجت بالماء، وقوله:

  «كلتاهما حلب العصير» يعني الخمر ومزاجها الماء، فالخمر عصير العنب والماء عصير السحاب، قال اللّه تعالى: {وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً}⁣(⁣١) انصرفوا إذا شتئم.

  وذكر الزمخشري في تفسير قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً} المعصرات: السحاب الرويّة تعصر بالمطر ومنه قولهم جارية معصر إذا راهقت وقرب عصرها بالحيض، وهي أحسن ما يكون من النساء وأشهاها⁣(⁣٢).

  قلت: التي تعصر الغمام هي الجنوب، فهي تعصرها كما يعصر الثوب المبلول، والعرب تكره الشمال لأنها تفرق السحاب وتذهب به، ويفرحون بالجنوب لأنّها تجمعه وتعصره، إلّا أنّ الشمال أصحّ من الجنوب كالصّبا، وهي باردة يابسة، والصبا معتدلة، والجنوب باردة رطبة، فلمّا كان هبوبها من ناحية محترفة متعفنة بجهات البخار صارت تعقب الوباء والنزلات، والشمال لا تسري بالليل، وفي أمثال العرب أن الجنوب قالت للشمال: أنا أكرم منك لأني أهبّ ليلا ونهارا وأنت لا تهبّين إلّا بالنهار، فقالت لها الشمال: إنّ الحرة لا تسري.

  وقد مضى في ذكر أبي الفرج أن إسحاق الموصلي اختار المائة الصوت في الأغاني للواثق وكان وزيره محمد بن عبد الملك الزيّات⁣(⁣٣).


(١) سورة النبأ: الآية ١٤.

(٢) أنظر: الكشاف ٤/ ٥٤٨.

(٣) محمد بن عبد الملك بن أبان بن حمزة، أبو جعفر، المعروف بابن الزيات: وزير المعتصم والواثق العباسيين، وعالم باللغة والأدب، من بلغاء الكتاب والشعراء. ولد سنة ١٧٣ هـ ونشأ في بيت تجارة في الدسكرة (قرب بغداد) ونبغ، فتقدم حتى بلغ رتبة الوزارة. وعول عليه المعتصم في مهام دولته. وكذلك ابنه الواثق. ولما مرض الواثق عمل ابن الزيات على تولية ابنه وحرمان المتوكل، فلم يفلح، وولي المتوكل فنكبه، وعذبه إلى أن مات ببغداد سنة ٢٣٣ هـ. وكان من العقلاء الدهاة، وفي سيرته قوة وحزم. وله «ديوان شعر - ط».

ترجمته في: وفيات الأعيان ٥/ ٩٤ - ١٠٣، الأغاني ٢٣/ ٥١ - ٨٠، وأمراء البيان ١: ٢٧٨ - ٣٠٦ وغربال الزمان - خ. والطبري ١١: ٢٧ و Brock. S. I: I ٢ I والمرزباني وتاريخ بغداد ٢:

٣٤٢ وخزانة البغدادي ١: ٢١٥ - ٢١٦ وهبة الأيام للبديعي ٧٦ و ٨٢ وديوان ابن الزيات:

مقدمته، من إنشاء جميل سعيد، الاعلام ط ٤/ ٦ / ٢٤٨.