[189] الخطيب أبو الفضل، يحيى بن سلامة بن
  إذا متّ فادفنّي إلى أصل كرمة ... تروّي عظامي بعد موتي عروقها
  ولا تدفننيّ في الفلاة فإنني ... أخاف إذا ما متّ أن لا أذوقها
  وجعل القافية الهاء، أو لم يعمل أن قبل حرف النفي.
  وأورد ابن خلكان للخطيب:
  أشكو إلى اللّه من نارين: واحدة ... في وجنتيه، وأخرى منه في كبدي
  ومن سقامين: سقم قد أحلّ دمي ... من الجفون، وسقم حلّ في جسدي
  ومن نمومين: دمعي حين أذكره ... يذيع سرّي، وواش منه بالرصد
  ومن ضعيفين: صبري حين أبصره ... في صده، ويراه الناس طوع يدي
  مهفهف رقّ حتى قلت من عجب ... أخصره خنصري أم جلده جلدي(١)
  ولقد أجاد وأبدع وأحسن وأغرب، والذي أحسب إن الخطيب المذكور كان شيعيا يلتزم التقيّة لهذه القصيدة البديعة المشهورة التي امتدح بها الأئمّة الأثنى عشر $، وذلك أن أصول الإماميّة دلّت أنه من أقرّ بإمامتهم فهو الإمامي، ومن أنكر ولو واحدا منهم فهو غير إمامي، ولذلك لم يظهر هشام بن الحكم خلافه في التشبيه مع قوله بالإمامة المذكورة، وهذه القصيدة التي نسج على منوالها السيد الأجلّ الأديب أبو الحسن إسماعيل بن محمد بن الحسن كما سبق في ذكره(٢) وهي:
  أقوت مغانيهم فأقوى الجلد ... ربعان بعد الساكنين فدفد(٣)
  أسأل عن قلبي وعن أحبّتي ... ومنهم كلّ مقرّ محجد
  وهل تجيب أعظم بالية ... وأرسم خالية من ينشد
  ليس بها إلّا بقايا مهجة ... وذاك إلّا حجر أو وتد
  كأنني بين الطلول قائما ... أنشدهن الأشعث المقلد
  صاح الغراب فلمّا تحمّلوا ... أضحى بها كأنه مقيّد
  لبئس ما اعتاضت وكانت قبل ذا ... ترتع فيه ظبيات شغرّد
  ليت المطايا للنوى ما خلقت ... ولا حدا من الحداة أحد
(١) وفيات الأعيان ٦/ ٢٠٦ - ٢٠٧.
(٢) ترجمه المؤلف برقم ٣٠.
(٣) في الأصل: «ربعان كل بعد مسكن فدفد».