نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[194] أبو يوسف، يعقوب بن إسحاق اللغوي، الإمام

صفحة 371 - الجزء 3

  نفسي تروم أمورا لست أدركها ... ما دمت أحذر ما يأتي به القدر

  ليس ارتحالك في كسب الغنى سفرا ... لكن مقامك في ضرّ هو السفر⁣(⁣١)

  ولمّا ألزمه المتوكل بتأديب ابنه المعتز قال له أوّل ما حضر لديه: بأيّ شيء يريد الأمير أن يبدأ به من العلوم؟ قال المعتز: بالانصراف، قال يعقوب: فأقوم، قال المعتز: أنا أخفّ منك وقام مستعجلا فعثر بسراويله فسقط والتفت إلى يعقوب وقد احمرّ وجهه خجلا، فأنشد يعقوب:

  يصاب الفتى من عثرة بلسانه ... وليس يصاب المرء من عثرة الرّجل

  فعثرته في القول تذهب رأسه ... وعثرته بالرجل تبرا على مهل⁣(⁣٢)

  فدخل يعقوب من الغد على المتوكل فأخبره بذلك فأمر له بخمسين ألف درهم.

  قلت: وطاح أبو يوسف بعثرة اللّسان التي حذر منها.

  ومن شعره:

  ومن الناس من يحبّك حبّا ... ظاهر الحبّ ليس بالتقصير

  فإذا ما سألته عشر فلس ... ألحق الحبّ باللطيف الخبير⁣(⁣٣)

  لقد تلطّف في قوله: «الحق الحبّ باللطيف الخبير» وهو من قول أبي العتاهية:

  أنت من صاحبك الدهر ... ما استغنيت أخوه

  فإذا احتجت إليه ... ساعة مجّك فوه

  وقد سبق نظيرهما لأبي بكر البلدي الخباز.

  ومن شعر يعقوب [من الوافر]:

  إذا اشتملت على اليأس القلوب ... وضاق لما به الصدر الرحيب

  وأوطنت المكاره واستقرّت ... وأرست في أماكنها الخطوب


(١) وفيات الأعيان ٦/ ٣٩٤ - ٣٩٥.

(٢) وفيات الأعيان ٦/ ٣٩٩.

(٣) وفيات الأعيان ٦/ ٣٩٩.