[194] أبو يوسف، يعقوب بن إسحاق اللغوي، الإمام
  ولم تر لانكشاف الضرّ وجها ... ولا أغنى بحيلته الأريب
  أتاك على قنوط منك غوث ... يمنّ به اللطيف المستجيب
  وكلّ الحادثات إذا تناهت ... فموصول بها فرج قريب(١)
  وقال أبو عثمان المازني: اجتمعت بابن السكيت عند الوزير أبي جعفر بن الزيّات فقال لي: سل أيا يوسف عن مسألة: فكرهت أن أوحشه لصداقته فألحّ الوزير فاجتهدت في مسألة سهلة، فقلت له: ما وزن نكتل، فقال: نفعل، فقلت:
  ينبغي أن يكون ماضيه كتل، قال: ليس هذا وزنه إنما وزنه نفتعل، فقلت: نفتعل كم حرفا؟ قال: خمسة، قلت: ونكتل كم؟ قال: أربعة، قلت: فما وزنه خمسة يكون زنة لأربعة، فانقطع وخجل، فقال الوزير: وإنما تأخذ ألفي درهم في كل شهر على أنك لا تحسن وزن نكتل فلما خرجنا، قال: هل تدري ما صنعت؟
  قلت: واللّه لقد قاربتك جهدي ومالي ذنب(٢)، وقيل إن ذلك وقع بين يدي المتوكّل.
  ورأيت في أخبار النحاة: ان يعقوب أجاب ابن الزيّات عن قوله: «إنما تأخذ من بيت المال بقدر ما علمنا ولو أخذنا بقدر ما جهلنا لم يسع ذلك بيت المال».
  قلت: الوجه في الوزن نعتل لأن أصل ماضيه اكتيل فاعل بقلب يائه ألفا لوجود السبب فلما جزم مضارعه التقى السّاكنان فحذفت الألف التي هي عوض عن العين.
  ومن النوادر: أن القاضي عماد الدين يحيى الجباري كان يقول: ان نكتل أحد اخوة يوسف فلما سألته عن سبب إسكان اللام لم يرجع لا جرم أنه لم يكن نحويّا بل فقيها إخباريا.
  * * *
(١) وفيات الأعيان ٦/ ٣٩٩ - ٤٠٠، حياة الحيوان ٢/ ٢٤٢، وفيهما لابن السكيت، كشكول البهائي ٢/ ٧١، مجاني الأدب ٣/ ١٠٣ وفيهما لأبي تمام، البداية والنهاية ٨/ ١٠، تاريخ الخلفاء ١٨٣، الحماسة البصرية ٢/ ١، أنوار العقول - خ - قطعة ٢٦ وفيهم للإمام علي بن أبي طالب #.
(٢) وفيات الأعيان ٦/ ٣٩٧ - ٣٩٨.