[195] أبو الفرج، يعقوب بن يوسف بن إبراهيم بن
  عدّة خيول ووهب له العزيز خمسمائة غلام من الناشبة، وألف غلام من المغاربة ملّكه رقابهم.
  وكان يعقوب أوّل وزير للخلفاء الفاطميين بمصر فدبّر أمر مصر والشامات والحرمين وبلاد المغرب من الرجال والأموال والقضاء، وجعل اقطاعه في السنة من مصر والشام ثلاثمائة ألف دينار، واتسعت دائرته وعظمت مكانته حتى كتب اسمه على الطراز، وكان يجلس كل يوم في داره ويأمر وينهى ولا ترفع إليه رقعه إلّا وقّع فيها ولا يسأل حاجة إلّا قضاها، ورتّب في داره الحجاب نوابا على مراتب وألبسهم الديباج وقلّدهم السيوف وجعل لهم المناطق ورتّب فرسين في داره للنوبة لا تبرح واقفة بسروجها ولجمها لمهمّ يرد، ونصب في داره الدواوين، فجعل ديوانا للعزيزية فيه كتاب، وديوانا للجيش فيه كذلك، وديوانا للأموال، وديوانا للسجلّات، وديوانا للإنشاء، وديوانا للعجم، وديوانا للعلوفات فيه عدّة كتّاب، وديوانا للخراج، وديوانا للمستغلّات، وأقام على الجميع زماما، وجعل في داره خزانة للكسوة وخزانة للمال، وخزانة للدّفاتر، وخزانة للأشربة، وعمل على كلّ خزانة ناظرا وكان يجلس عنده في كلّ يوم الأطباء لينظروا في حال الغلمان ومن يحتاج إلى علاج ودواء، ورتب الكتّاب والأطبّاء يقفون بين يديه، وجعل في داره الأدباء والعلماء والشعراء والفقهاء والمتكلمين وأرباب الصنايع لكلّ طائفة مكان مفرد، وأجرى على كلّ منهم الأرزاق، وألّف كتبا في الفقه والقراءات، وجعل له مجلسا في داره يحضره كلّ يوم ثلاثاء ويحضر إليه الفقهاء والمتكلمون وأهل الجدل يتناظرون بين يديه.
  ومن تصانيفه: كتاب القراءات، وكتاب الأديان وهو الفقه واختصره، وكتاب في آداب رسول اللّه ÷، وكتاب صلاح الأبدان ألف ورقة، وكتاب في الفقه مما سمعه من الامام المعزّ وولده الإمام العزيز، وكان يجلس في يوم الجمعة أيضا ويقرأ مصنّفاته على الناس بنفسه ويحضره القراء والقضاة وأصحاب الحديث والنحاة والشهود، فإذا فرغ من القراءة قام الشعراء ينشدون مدائحهم فيه، وكان في داره أيضا عدة كتّاب ينسخون القرآن الكريم والفقه والطبّ وكتب الأدب وغيرها من العلوم، فإذا فرغوا من نسخها وضبطت وجعل في داره قرّاء وأئمّة يصلّون في مسجد داره، وأقام بها عدة مطابخ لنفسه ولجلسائه وغلمانه وحواشيه، وكان ينصب مائدة لخاصته يأكل فيها هو وأهل العلم ووجوه الكتّاب والغلمان