[195] أبو الفرج، يعقوب بن يوسف بن إبراهيم بن
  ومن يستدعيه إليها، وينصب عدة موائد لبقية الحجّاب والكتاب والحواشي، وإذا جلس لقراءة الكتاب الذي سمعه من المعزّ والعزيز لا يمنع أحدا من مجلسه من الخاص والعام.
  وأنشأ عدة مساجد ومساكن بمصر والقاهرة، وكان يقيم في شهر رمضان الأطعمة للفقهاء ووجوه الناس وأهل الستر والتعفف ولجماعة كثيرة من الفقراء، وإذا فرغ الفقهاء والوجوه من الأكل معهم يطاف عليهم بالطيب.
  ومرض مرّة من علّة بيده فقال فيه عبد اللّه بن محمد بن أبي الجوع الشاعر:
  يد الوزير هي الدنيا فإن ألمت ... رأيت في كلّ شيء ذلك الألما
  تأمّل الملك وانظر فرط علّته ... من أجله وأسأل القرطاس والقلما
  وشاهد البيض في الأغماد حائمة ... إلى العدى وكثيرا ما روين دما
  وأنفس الناس بالشكوى قد اتّصلت ... كأنّها أشعرت من أجله سقما
  لولا العزيز وآراء الوزير معا ... تخوّفتنا خطوب تشغب الأمما
  وهي طويلة.
  وكان الناس يفتون بكتابه في الفقه، ودرّس فيه الفقهاء بجامع مصر، وأجرى العزيز باللّه لجماعة فقهاء يحضرون مجلس الوزير أرزاقا في كل شهر تكفيهم، وكان الوزير يجلس في داره للنظر في رقاع الرافعين والمتظلّمين وبيده الرقاع ويخاطب الخصوم بنفسه.
  وأراد العزيز أن يسافر إلى الشام في أول زمن الفواكه فأمر الوزير بأخذ الأهبة لذلك، فقال: يا مولاي لكل سفر أهبة على مقداره، فما الغرض من السفر؟ فقال: إني أريد التفرّج بدمشق لأجل القراصيا.
  قلت: وهو صنف من الأجّاص.
  فقال: السمع والطاعة فخرج فاستدعى جميع أرباب الحمام وسألهم عما بدمشق من طيور مصر وأسماء من هي عنده، وكانت مائة واثنتين وعشرين طائرا، ثمّ التمس من طيور دمشق التي هي بمصر عدّة فأحضرها، وكتب إلى نائبه بدمشق يقول: إن بدمشق كذا وكذا طائرا وعرّفه أسماء من هي عنده وأمره بإحضارها إليه جميعا، وأن تعلق القراصيا في كواغد ويشدّها على طائر ويسرحها في يوم واحد