[197] السيد العلامة، أبو محمد، يوسف بن
  وبايعه الناس الحاضرون وكثير ممن بعد، وتلقّب بالمنصور وجرت حروب، وتمّت خطوب، آلت إلى أسره، وحبسه بقلعة حبّ لأنه يوسف، ثم حبس آخرا بقصر صنعاء.
  والحبس ما لم تغشه لدنية ... تزري فنعم المنزل المتورّد
  وهو الآن بهذا القصر وقد ألزم نفسه صيام شطر الأيام، فرمضان في عبادته مائة واثنان وثمانون، وهذا من أعجب الأحكام، وشعره مبتسم الثغر تودّه حلية دمية القصر، فمنه في جارية اسمها عينا:
  ورب راء للفتاة التي ... قد أبرزت طرّتها سينا
  صاد إلى ريقتها عاجب ... من حاجب يحكي لها نونا
  وصدغها كاللّام مع مبسم ... كالميم قد جاكما شينا
  من جاءنا يسأل عن وصفها ... يروم إيضاحا وتبيينا
  كيف المحيّا؟ كيف ذاك البها ... ما الاسم؟ كيف الخدّ؟ قل: عينا(١)
  وهذه: تورية مربّعة، وتوجيه وجيه، كاد أن يحوي حروف المعجم، وهو يشهد لقائله بأدب معرب وفضل جمّ، لو رآه ابن مطروح أخذ حسدا له يمين الوادي، وسلّت عليه سيوف القدح في شعره من الأغماد، ولو سمعه ابن المزين الدمشقي لقذف نفسه من حالق، وما قدر قول ابن المطروح(٢) عند الفطن الحاذق:
(١) نشر العرف ٢/ ٩١١ - ٩١٢.
(٢) هو أبو الحسن الأمير يحيى بن عيسى بن إبراهيم بن الحسين بن مطروح الملقب بجمال الدين.
ولد سنة ٥٩٢ هـ بصعيد مصر. كان كاتبا شاعرا لطيف المعاني. اتصل بالملك الصالح نجم الدين، أيام كان وليا للعهد ولما تملك نجم الدين عظمت منزلة ابن مطروح عنده، وقلده مناصب هامة في الدولة. قال ابن خلكان في حقه: (جمع بين الفضل والمروءة والاخلاق المرضية، وكانت بيني وبينه مودة). كانت له صلة وثيقة بالبهاء زهير يرجع عهدها إلى أيام الصبا، وبينهما مراسلات شعرية، له ديوان شعر، ومن شعره القصيدة المشهورة التي مطلعها: -
هي رامة فخذوا يمين الوادي ... وذروا السيوف تقر في الاغماد
توفى سنة ٦٤٩ وقيل ٦٥٠ وقيل ٦٥٦ هـ والأول أرجح.
ترجمته في: ذيل مرآة الزمان ١/ ١٥٧، تراجم رجال القرنين السادس والسابع / ١٨٧، شذرات الذهب ٥/ ٢٤٧، هدية العارفين ١/ ٥٢٣، النجوم الزاهرة ٧/ ٢٧، وفيات الأعيان ٥/ ٣٠٢، كشف الظنون / ٧٦٨، أنوار الربيع ٣ / هـ ٧٤.