[7] أبو حامد، أحمد بن محمد الأنطاكي
  قلت: يحسن أن تكون هذه للعقرب رقية.
  وقيل لأبي العبر: ما هذه المحالات التي تتكلم بها أي شيء أصلها؟ قال:
  أجلس على الجسر ومعي دواة ودرج(١) فاكتب كل شيء أسمعه من كلام الذاهب والجائي والملّاح والمكاري حتى أملأ الدّرج من وجهين ثم أقطعه عرضا وألصقه مخالفا، فيجيء منه كلام ليس في الدنيا أحمق منه(٢).
  ورؤي واقفا على بعض آكام سرّ من رأى وبيده اليسرى قوس، وعلى يده اليمنى بأشق، وعلى رأسه قطعة لحم في حبل مشدود بأنشوطة وهو عريان وفي أيره شعر مفتول خيطا وقد شدّ فيه شصا(٣) وألقاه في الماء للسمك وعلى شفته دوشاب قد لطخها به، فقيل له: أيش هذا؟ فقال: أصطاد بجميع جوارحي، إذا مرّ بي طائر رميته عن القوس، وإذا سقط قريبا مني أرسلت عليه الباشق، واللحم على رأسي تجيء الحداة(٤) لأخذه فتقع في الوهق(٥)، والدوشاب أصطاد به الذباب وأجعله في الشص للسمك(٦).
  وقدم أبو العبر بغداد في أيام المستعين، وجلس للناس وتحامق، فبعث إليه إسحاق بن إبراهيم المصعبي وحبسه، فصاح في الحبس، معي نصيحة، فأخرج وحمل إلى إسحاق فقال: هات نصيحتك، قال: وتؤمّنني؟ قال: نعم، قال:
  الكشكية أصلحك اللّه لا تصلح إلّا بالكشك، فضحك إسحاق وقال: هو فيما أرى مجنون، وقال له: لا إلّا أنا أمتخط حوت(٧) ففهم ما قاله وتبسّم وقال:
  أظن أني فيك مأثوم(٨)؟ قال: لا ولكنك فيّ ماء بصل، فقال: أطلقوه وأخرجوه من بغداد(٩).
(١) الأغاني ٢٣/ ٢٠٩.
(٢) الأغاني ٢٣/ ٢٠٩.
(٣) الشص: حديدة معقوفة يصاد بها السمك.
(٤) الحداة: وهو طائر من الجوارح ينقض على الجرذان والدواجن والأطعمة ونحوها.
(٥) الوهق: حبل يرمى به في أنشوطة فتؤخذ به الدابة أو الإنسان.
(٦) الأغاني ٢٣/ ٢٠٩ - ٢١٠.
(٧) امتخط: مج، وحوت: نون: فتصبح مجنون.
(٨) مأثوم ماء + ثوم ماء + بصل.
(٩) الأغاني ٢٣/ ٢١٠ - ٢١١.