نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[الخاتمة]

صفحة 403 - الجزء 3

  الشيص، فحمدت سرى الأماني، وأجفلت مع القاصي والداني، حتى أتيت الحلقة، وزاحمت الرفقة، وانتظمت في السلك المنضود، واتصلت بالسبب الممدود، فإذا شيخ كالشنّ البالي، والسّراب المتلالي، جاحظ الحدقة، قد قوّس الدهر عنقه، ضخم المناكب والدسيع، أجلح الرأس خاظي البضيع، برّاق الثنايا طلّاعها، صوان القوارير منّاعها، قطط الشعرات ساقط العبرات، يلتهب تلهّب الركاب الهيم، لا يبالي بعصور صوّحته كالهشيم، وقد على شرفا، وحاز بوعظه شرفا، فسمعته يقول أقسم بالفلق والناس، لقد خمد من الحق النبراس، وقامت قيامة المساعي، وعزّ المنصف وفشي الساعي، ولم يبق إلّا دعوة الداعي، الموعود، وقيام الشاهد والمشهود:

  أيّها الناس اليققة ثيابهم وقلوبهم داجية والضاحكة ثغورهم، وملّتهم باكية، لا أعمّ البرية، بل أخصّ هذه الوجوه الزريّة، حكّامكم قبيعيّة، وهماتكم جوفيّة، عارية مكسيّة، عراة من الدين، تضحك منكم المجانين، عالمكم صيّاد للدراهم، فما ابن صيّاد، وواعظكم منافق على الأعواد، وأميركم يأخذ الجار بالجار، ويسلو عن قسي مشايخ المسلمين بالأوتار، وقاضيكم يرتشي، وكهلكم بقوة الغفلة منتشي، صيّرتم المنبر حمار الكذب، فهو يرتعش مما حمّل ويضطرب، كأنّ به النافض المؤلمة، كلّا واللّه به الخراصة المظلمة، إذا صعده يبكي أو تباكى، فإذا نزل للمكس شباكا، لا ترحمون اليتيم، ولا ترقّون للكليم، ولا تحضّون على طعام المسكين، ولا تتكلّفون بأرماق المقوين، وتأكلون التراث أكلا لمّا، وتحبّون المال حبّا جمّا:

  أشبهتم السمّاك في ... لج الأذى المزبد

  صغيرها مأكلة ... لذي القوى والجلد

  أصلحتم يومكم ... وما نظرتم في غد

  كم فيكم من قانع ... مضيّع في البلد

  وربّ طفل جايع ... مقمّط ممهّد

  وذات أصل باذخ ... لو زحمت لم تنشد

  وربّ شيخ غابر ... أرعش واني الجسد

  أقريتموه قسوة ... نهرا لكم كالجلمد

  ما يرتضي فعالكم ... باريكم في الأعبد