نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[الخاتمة]

صفحة 404 - الجزء 3

  أنذرتكم صاعقة ... ما نهنهت عن أربد

  ثم رفع عقيرته، وحلّ سريرته، وقال: لا عطر بعد عروس، ولا مخبا لبوس، لو ترك القطا ليلا لنام، قد واللّه صدقتكم لو تسمع حذام، أنكرتم المعروف، فويل للمنافقين، وعرفتم المنكر فويل للمبدلين، قد اقشعرّ شعر الحق وقفّ، وشغب جيش الباطل وصفّ، وأمسى الدين غريبا، وحشد المنكر قبائل وشعوبا.

  ثم قال: تبّا لكم وسحقا، وغصّة ورنقا، أفقر ربع المجد منكم وأقوى، وسلوتم عن الجود بغضا للمنّ وحبّا للسلوى، أميركم يغير على خطّ العاني والفقير يصد العين في الصّباح، وفي الليل العين الصّباح، ويظهر في الطفل الحسن، ويبيت صريع طفل ودنّ، يفسد نهاره في البلاد، وليله في الغانيات الخراد، ولا يصبر على طعام واحد، فتارة بمائدة، وآونة بما يد وحاكمكم كالحاكم بمصره، يستحيل البراطيل محتجا بفقره، ويأكل المكس المحضور، قائلا بضعف الخبر المأثور، من عدّ له دراهما عدّله، ومن حلّله ردا خلّله:

  فيا ليته لم يكن قاضيا ... ويا ليتها كانت القاضيه

  أجور من قاضي سدوم، وأشأم على الإسلام من بوم، لو رشى على الخليل بديناره، لحمل الحطب على رأسه لناره، ولو رشته اليهود على عيسى، لأغمد بكفّه في نحره موسى، وعالمكم بلعام، بل بلاء عام، يعلم ولا يعمل بعلمه، فويحه من كدحه وويل أمّه، فلمّا وعت العصب من صرّ من غضبه، وسلّ من مشرفيّات حربه، وثبوا عليه وثب العير على الحفص خوفا، ونهشوه نهش أمّ عامر حلقا وجوفا، وتطايرت إليه النعال والخفاف، وقصده آلافا بعد آلاف، وصفع صفع اليهودي بحكم القاضي السّديه، لمّا أدغم عرده في رحم النصرانيّة، ونتفوا لحيته اليققه، وتركوا قواه المجتمعة مفترقة، وركلوه ركل البغال الهاربه، وأذهبوا لحيته بنجيع شجاجه، وخضبوا شاربه، وسحبوه برجله إلى هوّة قاضيه، وأثابوا جنّة وعظه بطرحه في الهاوية، حتى خالوه من المودين، وولّوا وقد ذبحوه بغير سكين، وآبوا، بعد ما خابوا، فرمقت الغزالة حتى اكتست، ونقّت بنات الليل وأمنت، وأوقدت مشاعل الجواري، وأسفرت الزهرة في السواري، ودبّت إليه دبيب السرحان إلى فريسته، والأيم إلى يمامه في خميلته، حتى انتهيت إلى سيف حفرته، وأثبت رحلي في مستقر عفوته، واستثبت صاحب الجمان المسمّط،