[الخاتمة]
  والقصص التي ما خالج فكري قط، واللسان المرهف الهندي، فإذا صاحبنا أبو الفرج السندي، فأرسلت عبراتي، ورفعت بالحق قلة كلماتي، وأفضت عليه ذنوبا من القراح، ومزّقت أسمالي لعصب ما به من الجراح، فأفاق وما كاد، وقعد وما به اعتماد، وأنشد بصوت همس، وشابه ليله في وعظه الأمس:
  وعظتهم وعظ الفتى ... المحتسب المجرّب
  ورمت أن يقتبسوا ... بشعلة من أدبي
  لما رأيت داءهم ... داء البعير المجرب
  هنّأتهم لا يهنهم ... ريف الربيع المخصب
  فأقبلوا لما ترى ... شوط الطّمرّ السلهب
  وأرسلوا أحجارهم ... أرسال حبّ السحب
  أفّ لهم من عصبة ... قد برّحوا بعصبي
  وأفقروا في فقري ... أراملا يفرحن بي
  ففضّتي من أدمعي ... ومن شجاجي ذهبي
  ما فيهم حميّة ... وليس فيهم عصبي
  وان سلمت بعدها ... ما عفت فيهم مذهبي
  تهارشوا في جيفة ... محلومة كالأكلب
  لو كنت ذا أناة ... ملاحظ للعقب
  لصنت درّي عنهم ... صيانة المحجّب
  ورحت عنهم قاليا ... وكان حسبي حسبي
  قال سنان الحشائي: فلما وعيت حكمه، قبّلت جبينه وفمه، وودّعته وداع الفراق، وجمعت جراميزي ويمّمت العراق، وقد أطربني وعظه، إطراب ساق حرّ، وحمدت سفرا ساق إلى حرّ.
  تمّت المقامة.
  أنشأتها يوم الخميس العاشر من شهر رجب سنة إحدى عشرة ومائة وألف.
  وإنّما أضفت الحكاية إلى سنان الحشائي، والنظم والنثر إلى أبي الفرج السندي، لأن بعض أصحابنا كان لهجا بذكرهما، وزعم أنّه رآهما عطّارين بتعز، وأنه وجد عندهما عقاقير لا توجد في اليمن فاستظرفت إسميهما.