الحسني الصنعاني
  ليلات أدعو اللّه في ستر الدجى ... ببقاك وهو غناي يا ديناري
  وتؤمن الدمعات وهي سواقط ... درر على خدّي وسمط دراري
  واللّه ما خيري وقد فارقتني ... إلّا لحوقك نحو تلك الدار
  لا قدّس العمر الذي هو واصلي ... من بعد ما حجبوك بالأحجار
  وعلى لذيذ العيش إذ ودعتني ... مني سلام الموجع المنهار
  قد كنت لي الذخر النفيس فقدته ... في فاقتي العظمى وفي إقتاري
  ما لي دعوتك في الظلام مرددا ... إسحاق فاستعجمت عن أخباري
  ما لي حسبتك باردا من بعد ما ... أمسيت من حمّاك في إسعار
  ما بال نرجس مقلتيك مغمّضا ... هذا أوان تفتّح الأزهار
  أشربت كأس الموت قبلي راضيا ... أم ذقته بالعنف والإجبار
  عكس القضا ظنّي وكنت مؤملا ... أن ليس غيرك لي يكون مواري
  ما لي نبذتك بالعزاء ولم يكن ... نبذ العزيز صنائع الأحرار
  لو أنني مكّنت كان بمهجتي ... مثواك لم أنبذك كالغدّار
  من لي برؤيا ما نقلت إليه من ... أنس تسرّ به وحسن جوار
  هل تمرح الأطفال حولك مثلما ... قد كنت لا تنفك إلف صغار
  من وارثي إذ ذقت ما أسقيته ... ومن الذي تحيى به أشعاري
  وبقاي بعدك مثل موتي قبله ... أقبح بعيش الحزن والأكدار
  كنت الحياة فمذ توّلت غضّة ... ماذا الذي أبغيه في الآثار
  ركناي ثلّا، عمّك الماضي وقد ... اتبعته كتتابع الأقمار
  أما السلوّ فلست من أصحابه ... ولحاقك المرجو من الجبّار(١)
  - وله قصيدة كتبها إلى السيد إبراهيم بن زيد بن جحاف بعد اطلاعه على ديوان شعره الموسوم (العارض الوكّاف) فقال:
  أقسمت أنك بالصبابة أعلم ... فعلام تبخل بالوصال وتظلم
  يا قامة الرمح التي هي فتنة ... يا مقلة السيف الذي هو أصرم
  رفقا بصبّ صبّ فيك مدامعا ... في لون خدّك عنمها لا ينجم
  أربيع كل الناظرين ملاحة ... ما وصل عاشقك الكظيم محرم
(١) نشر العرف ٢/ ٩٦١ - ٩٦٣، ترجمه المؤلف برقم ١١٣.