الحسني الصنعاني
  خاطرت فيك بمهجتي وأظنها ... إن لم تجد بوصالها لا تسلم
  زر في الظلام ولا تخف من حاسد ... وعنيت شعرك فهو ليل أسحم
  إن كنت تنكر ما فعلت فإنني ... أنكرت لكن مدمعي يتكلم
  وحياة وجهك وهو روض زاهر ... ينمو بدمعي فوقه وهو الدم
  ما مرّ في أملي السلوّ وإنما ... للعاذلين مكائد لا تفهم
  ومعلم لي بالسلوّ عدمته ... هل فاز بالعقل الرصين معلم
  ويقول لي ما فزت منه بلفظة ... جهلا وقلبي بالغرام مكلم
  أو كان للعشاق سهم في الهوى ... فأنا الذي لي من رناه أسهم
  يا خدّه ورضابه إن طبتما ... يوما فإنكما الصفاء وزمزم
  ولقد بليت بما لك هو بالهوى ... لحشاشتي إن لم يرقّ متمم
  الشمس طلعته وفوق لحاظه ... قوس وعاذله المثقل مرزم
  ومولّع بالروض يسكن ظلّه ... والحور في ظل الجنان تخيّم
  باكرته في شهر نيسان به ... والرعد كالشادي الجهير يزمزم
  والماء يصفو والطيور بعودها ... تشدو فما إسحاق إذ يترنم
  وكأنما جسم السما في غيمها ... والبرق ثوب بالنضار مرقم
  وترى النسيم العنبري في ضعفه ... ينشي النفوس إذا غدا يتنسم
  والغصن مرتعش وأحسب أنه ... ظن المئاه بها صوارم تحسم
  والراح والندمان حفوا حولها ... فكأنها شمس حوتها أنجم
  ما ذاقها الساقي الظريف بإصبع ... إلّا غدت بعقيقها تتختم
  وإذا علا فيها الحباب فحبذا ... خدّ يقبله هنالك مبسم
  أو مبسم المحبوب أسفر بعد ما ... قد كان قبل بورده يتلثم
  للّه عيشي والزمان مساعد ... والدهر يحجم إن رآني أقدم
  والعاذلون يقود لي ساعيهم ... والدهر يمضي ما أريد ويبرم
  وصبابتي مثل النسيم لطافة ... أو نظم إبراهيم وهو الأقدم
  بحر يرينا جوهرا من لفظه ... والبحر يلفظ بالجمان وينعم
  بفصاحة سحبان فيها بأقل ... خطبا ونظم ما ادعاه مسلم
  أصلى حواسده لظى من فضله ... عجبا وما نار الخليل تؤلّم
  حقا لقد حسد الأواخر من مضى ... وتحسروا لو أدركوا وتجرموا
  ولقد حلى جيد الزمان بماجد ... (لجواهر الإحسان) فيه ينظم