نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[8] أبو العباس، أحمد بن محمد الدارمي

صفحة 163 - الجزء 1

  قال ابن خلكان: وحكى أبو الخطّاب بن عون الحريري الشاعر المشهور، أنه دخل على أبي العباس النامي قال: فوجدته جالسا ورأسه كالثّغامة بياضا، وفيه شعرة سوداء واحدة، فقلت له: يا سيدي في رأسك شعرة سوداء!، فقال: نعم، هي بقيّة شبابي، وأنا أفرح بها، ولي فيها شعر، فقلت أنشدني، فأنشدني [من المنسرح]:

  رأيت في الرأس شعرة بقيت ... سوداء تهوى العيون رؤيتها

  فقلت للبيض إذ تروّعها: ... باللّه! إلّا رحمت غربتها

  فقلّ لبث السوداء في بلد ... تكون فيه البيضاء ضرّتها⁣(⁣١)

  ثم قال: يا أبا الخطاب بيضاء واحدة تروّع ألف سوداء، فكيف بسوداء بين ألف بيضاء⁣(⁣٢). وما أحسن قول جمال الدين بن نباتة المصري⁣(⁣٣):

  تبسّم الشيب بذقن الفتى ... يوجب مسح الدّمع من جفنه

  حسب الفتى بعد الصبا ذلّة ... أن يضحك الشيب على ذقنه⁣(⁣٤)

  وقول صاحبنا الأديب أبي الوفا شعبان بن سليم الصنعاني⁣(⁣٥):

  ومذ قيل كافور شيبي بدا ... على لحيتي قلت: يا حسرتي

  أأرجو حياة شبابي به ... وعادته صحبة الميت

  والشيب يكره لأنه نذير الفناء وصبّاح المنايا ومنها عداوة النساء له، وكان سبب بغضهن له خفيّا حتى أوضحه أبو عبد اللّه بن حجّاج البغدادي⁣(⁣٦) فقال:

  ما أكره النساء للشيب إلّا ... أنه مؤذن بموت الذكور

  وأورد الشيخ صلاح الدين الصفدي⁣(⁣٧) في الغيث:


(١) تاريخ ابن الوردي ١/ ٣٢٢، شذرات الذهب ٣/ ١٥٤، الكنى والألقاب ٣/ ١٩٧، أعيان الشيعة ج ٩ / مج ١٠/ ٤١٧، شعر النامي ٤٣.

(٢) وفيات الأعيان ١/ ١٢٦.

(٣) مرّت ترجمته في هامش سابق.

(٤) ديوان ابن نباته المصري ٥٣٥.

(٥) ترجمه المؤلف برقم ٨٥.

(٦) ترجمه المؤلف برقم ٥٦.

(٧) مرّت ترجمته في هامش سابق.