نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[8] أبو العباس، أحمد بن محمد الدارمي

صفحة 164 - الجزء 1

  وخود دعتني إلى وصلها ... وعصر الشبيبة مني ذهب

  فقلت مشيبي ما ينطلي ... فقالت بلى ينطلي بالذهب⁣(⁣١)

  قال: وكان في المجلس بعض ظرفاء الأدباء، فقال: لو حكمت فيه لقلت:

  وخود دعتني إلى وصلها ... وعصر الشبيبة مني برا

  فقلت: مشيبي ما ينطلي ... فقالت: بلى ينطلي بالخرا

  ومعنى قوله: ينطلي بالذهب، إن الذهب يغطي مساوئ شيبك، والطلا:

  الخضاب بالحنّاء والكتم، وهو مستحب عند الشيعة لروايات متظافرة عن الأئمة أنهم خضبوا وأمروا به، وأما رسول اللّه ÷ فإنه مات ولحيته سوداء، إلّا شعرات بيضاء فيها، وهو دليل اعتدال مزاجه وكماله في كل جسماني ونفساني لأن الأطباء ذكروا له سببين: طبيعيا وغير طبيعي، والطبيعي ما ظهر بعد أربعين سنة، وغيره ما كان قبل ذلك أو بعده، وأكثر ظهوره قبل وقته لرطب الدماغ، ويسرع في البلغمي والدموي ويبطيء في السوداوي جدا ليبس أخلاطه ودماغه، وفي الصفراوي كذلك.

  وقال جالينوس: سبب الطبيعي منه تكرح الغذاء الصائر شعرا.

  وقال أرسطو: هو استحالة الغذاء إلى لون البلغم، هذا في الطبيعي. وغيره بسبب أما إفراط اليبس فيبيّض كما يبيّض الزرع بعد خضرته لقوّة العطش، وهكذا يكون عقيب الأمراض الحادّة المحرقة المجفّفة، أو إفراط الرطوبة، وأدويته كثيرة.

  وذكر الأستاذ أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري في الرسالة: أن بعض مشايخ الصوفية قال: كنت سائحا فانتهيت إلى بعض مدن خراسان فاتفق أني كنت أمشي يوما فلقيت شابّة بديعة الجمال فأعجبني جمالها وقلت إن كانت فارغة تزوجتها، فقلت لها: يا أمة اللّه ألك زوج، فقالت: كأنك خاطب؟ قلت:

  نعم، قالت: فإن فيّ عيبا إن رضيته تزوّجتك، قلت: وما ذاك؟ قالت: إن في رأسي شعرات بيضاء، فلما سمعت ذلك ولّيت عنها وسرت غير كثير، فنادتني:

  قف، فتوقّفت، فقالت: يا هذا إني لم أستكمل خمس عشرة سنة من عمري، وإن


(١) الغيث المسجم ١/ ١٨.