[11] أبو الطيب، أحمد بن الحسين بن عبد الصمد
  وكأنّ برقا في متون غمامة ... هنديّه في كفّه مصقولا
  ومحلّ قائمه يسيل مواهبا ... لو كنّ سيلا ما وجدن مسيلا(١)
  رقّت مضاربه فهنّ كأنّما ... يبدين من عشق الرّقاب نحولا(٢)
  أمعفّر اللّيث الهزبر بسوطه ... لمن ادّخرت الصّارم المصقولا(٣)
  وقعت على الأردنّ منه بليّة ... نضدت بها هام الرّفاق تلولا(٤)
  ورد إذا ورد البحيرة شاربا ... ورد الفرات زئيره والنّيلا(٥)
  متخضّب بدم الفوارس لابس ... في غيله من لبدتيه غيلا(٦)
  ما قوبلت عيناه إلّا ظنّتا ... تحت الدّجى نار الفريق حلولا(٧)
  في وحدة الرّهبان إلّا أنّه ... لا يعرف التّحريم والتّحليلا
  يطأ الثّرى مترفّقا من تيهه ... فكأنّه آس يجسّ عليلا(٨)
  ويردّ عفرته إلى يأفوخه ... حتى تصير لرأسه إكليلا(٩)
  وتظنّه ممّا يزمجر نفسه ... عنها لشدّة غيظه مشغولا
  قصرت مخافته الخطى فكأنّما ... ركب الكميّ جواده مشكولا(١٠)
  ألقى فريسته وبربر دونها ... وقربت قربا خاله تطفيلا(١١)
  فتشابه الخلقان في إقدامه ... وتخالفا في بذلك المأكولا(١٢)
(١) قائم السيف: مقبضه. والمراد بمحلة راحة الممدوح، والضمير في كن يعود إلى المواهب.
(٢) المضارب جمع مضرب: حد السيف.
(٣) عفره: مرغه على التراب. الهزير: الضخم الشديد. أدخرت: خبأت. يقول: إذا كنت تصرع الأسد بالسوط فلمن خبأت سيفك المصقول.
(٤) نضدت: جمعت فوق بعضها.
(٥) الورد: الذي يضرب لونه إلى الحمرة. البحيرة: بحيرة طبرية. الزئير: صوت الأسد.
(٦) الغيل: الغابة. اللبدة: الشعر المجتمع على كتف الأسد، أي أن هذا الشعر كأنه غابة أخرى له.
(٧) الفريق: الجماعة. حلولا جمع حال: وهو النازل بالمكان ونصبه على الحال من الفريق.
(٨) التيه: الكبرياء.
(٩) العفرة: شعر القفا. اليأفوخ: ملتقى عظم مقدم الرأس.
(١٠) الكمي: لابس السلاح. المشكول: المقيد بالشكال. أي أن خوف هذا الأسد تمكن من القلوب حتى إن الخيل صارت تمشي كأنها مقيدة.
(١١) يريد بفريسته البقرة التي هاجه عنها. بربر: زمجر. التطفيل: الدخول على الآكلين من غير دعوة.
أي أنه لما رآك مقبلا إليه ألقى فريسته وبربر لأنه ظنك تتطفل عليه.
(١٢) يقول: تشابهتما في الإقدام وتخالفتما في البذل لأنه حريص وأنت كريم.