[14] السيد شمس الدين، أبو محمد، أحمد بن الحسن
  المملكة ما لا يتلافاه، فلما جلس الملك دخل عليه المحتال وقصّ عليه القصّة، وجعل يؤكد عليه، فاهتمّ الملك لذلك، وبات يترقب الآتي فخيّل له في المنام ذلك، فلما أصبح وهب له الدرّة، وقال: صدقت، قالوا: وأصدقها ما كان في زمن الربيع لأنه وقت نموّ النبات، وأكذبها ما كان في زمن الخريف لأنه زمان تساقط الأوراق، وإذا لم يقصّ لم يقع.
  وفي الحديث الشريف المتجلّي بالتورية: «لا يزال المنام طائرا حتى يقصّ، فإذا قصّ وقع».
  وقال الرئيس أبو علي بن سينا: علم التعبير أقسام الطبيعي الفرعية، والغرض فيه الاستدلال من المتخيّلات الحلمية على ما شاهدته النفس من عالم الغيب، فحيلته القوّة المخيلة بمثال غيره.
  قلت: وموضع القوّة المخيلة مقدّم الدماغ، وفي الغالب إن الرؤيا بالخير تخلف، وبالشرّ تقع، والسرّ في ذلك أن الدنيا دار محنة وأكثر ما يقع ما يليق بها.
  وقال أبو العلاء المعرّي(١):
  إلى اللّه أشكو إنني كل ليلة ... إذا نمت لم أعدم خواطر أوهام
  فإن كان شرّا فهو لا بد واقع ... وإن كان خيرا فهو أضغاث أحلام
  ومثله قول الأحنف العكبري(٢) مع المبالغة:
  وأحلم في المنام بكل خير ... فأصبح لا أراه ولا يراني
  ولو أبصرت شرّا في منامي ... أتاني الشرّ من قبل الأذان
(١) ترجمه المؤلف برقم ١٩.
(٢) عقيل بن محمد العكبري، أبو الحسن، الملقب بالأحنف: شاعر أديب، من أهل عكبرا اشتهر ببغداد. قال ابن الجوزي: روى عنه أبو علي ابن شهاب «ديوان شعره». ووصفه الثعالبي بشاعر المكدين وظريفهم. وقال الصاحب ابن عاد: هو فرد «بني ساسان» اليوم بمدينة السلام. وكثير من شعره في وصف القلة والذلة يتفنن في معانيهما ويفاخر بهما ذوي المال والجاه، توفي سنة ٣٨٥ هـ.
ترجمته في:
المنتظم ٧: ١٨٥ ويتيمة الدهر ٢: ٢٨٥، الاعلام ط ٤/ ٤ / ٢٤٣.